الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
248 - " احذروا الشهرتين: الصوف؛ والخز " ؛ أبو عبد الرحمن السلمي ؛ في سنن الصوفية؛ (فر)؛ عن عائشة ؛ (ض).

التالي السابق


(احذروا الشهرتين) ؛ تثنية " شهرة" ؛ وهي كما في القاموس: ظهور الشيء في سمعة؛ حتى يشتهر للناس؛ والمراد هنا اشتهار الإنسان بلبس؛ (الصوف) ؛ بضم أوله؛ (والخز) ؛ بفتح المعجمة: الحرير؛ أو نوع منه؛ أي: احذروا لبس ما يؤدي إلى الشهرة في الطرفين؛ أي: طرفي التخشن؛ وهو الصوف؛ والتحسن؛ وهو الحرير؛ فإنه مذموم مكروه؛ والمراد ما فيه حرير؛ أما الحرير المحض؛ أو ما أكثره حرير؛ فحرام على الرجل؛ وهو أمر بالتباعد عن طلب الشهرة في اللباس؛ وقد أمر الشارع بالتوسط بين التفريط؛ والإفراط؛ حتى في العبادة؛ وفيه رد على من تحرى من الصوفية لبس الصوف دائما؛ ومنع نفسه من غيره؛ وألزمها زيا واحدا؛ وعمد إلى رسوم وأوضاع وهيئات؛ ويرى الخروج عنها منكرا؛ وقد كان المصطفى - صلى الله عليه وسلم - يلبس ما وجد؛ فلبس الكتان؛ والصوف؛ والقطن؛ وما الهدي إلا هديه؛ وما الأفضل إلا ما سنه؛ وهو لبس ما تيسر من الوسط المعتدل؛ صوفا تارة؛ وقطنا طورا؛ وكتانا أخرى؛ ولبس البرود اليمانية؛ والأحمر؛ والجبة المكفوفة بالديباج؛ والقباء؛ والقميص؛ والإزار؛ والرداء؛ والشعر الأسود ؛ وأرخى العذبة تارة؛ وتركها أخرى؛ وتقنع تارة؛ وتركه أخرى؛ ولبس عمامة بيضاء تارة؛ وسوداء أخرى؛ وتحنك مرة؛ وتركه مرة؛ إلى غير ذلك مما هو مشهور مسطور؛ وبهذا علم أنه لا تعارض بين هذا الخبر؛ وبين الخبر الآتي: " عليكم بلباس الصوف..." ؛ إلى آخره؛ لأن ما هنا في ملازمة زي واحد؛ وذاك في لبس الصوف أحيانا؛ أو يقال: التحذير عن لبسه للشهرة؛ والإذن في لبسه بقصد إذلال النفس؛ وقهرها.

( أبو عبد الرحمن ) ؛ محمد بن الحسين ؛ ( السلمي ) ؛ الصوفي؛ (في) ؛ كتاب (سنن الصوفية) ؛ نقل الذهبي وغيره عن الخطيب؛ عن القطان؛ أنه كان يضع للصوفية؛ وفي اللسان؛ كأصله؛ أنه ليس بعمدة؛ ونسبه البيهقي للوهم؛ (فر)؛ من حديث السلمي هذا؛ (عن عائشة ) - رضي الله عنها -؛ قال في الأصل: وضعفه؛ وفيه أحمد بن الحسين الصفار؛ كذبوه.



الخدمات العلمية