الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
289 - " أخذ الأمير الهدية سحت؛ وقبول القاضي الرشوة كفر " ؛ (حم)؛ في الزهد؛ عن علي؛ (ح).

التالي السابق


(أخذ الأمير) ؛ يعني: الإمام ونوابه؛ (الهدية) ؛ وهي لغة: ما أتحف به؛ وعرفا: تمليك ما يبعث غالبا؛ بلا عوض؛ كما مر؛ (سحت) ؛ بضم؛ فسكون؛ وبضمتين؛ أي: حرام؛ يسحت البركة؛ أي: يذهبها؛ قال الزمخشري : اشتقاقه من " السحت" ؛ وهو الإهلاك؛ والاستئصال؛ ومنه " السحت" ؛ لما لا يحل كسبه؛ لأنه يسحت البركة؛ وفي خبر أن عمر أهدى إليه رجل فخذ جزور؛ ثم جاءه يتحاكم مع آخر؛ فقال: يا أمير المؤمنين ؛ اقض لي قضاء فصلا؛ كما فصل الفخذ من البعير؛ فقال عمر : " الله أكبر؛ اكتبوا إلى جميع الآفاق: هدايا العمال سحت" ؛ (وقبول القاضي الرشوة) ؛ بتثليث الراء؛ ما يعطاه؛ ليحق باطلا؛ أو يبطل حقا؛ من " رشا الفرخ" ؛ إذا مد عنقه لأمه لتزقه؛ (كفر) ؛ إن استحل؛ وإلا فهو زجر وتهويل على حد خبر: " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة؛ فمن تركها فقد كفر" ؛ وبالجملة فإعطاء الرشوة وأخذها؛ من الكبائر؛ وإنما كان القاضي أفظع حالا من الأمير؛ لأن الأمير أخذ لا لشيء يصنعه؛ بل للميل ونحوه؛ والقاضي أخذ لتغيير حكم الله؛ قال النووي : ومن خصائص المصطفى - صلى الله عليه وسلم - أن له قبول الهدية؛ بخلاف غيره من الحكام؛ فإن قلت: ما سر تعبيره في الأمير بالأخذ؛ وفي القاضي بالقبول؟ وهلا عكس؛ أو عبر فيهما بالأخذ؛ أو القبول؛ معا؟ قلت: لعل حكمته الإشارة إلى لحوق الوعيد للقاضي بمجرد القبول بلفظ؛ أو إشارة؛ أو كتابة؛ أو أخذ عياله لها؛ فغلظ فيه أكثر من الأمير.

(حم؛ في) ؛ كتاب (الزهد الكبير؛ عن علي) ؛ أمير المؤمنين ؛ رمز المؤلف لحسنه.



الخدمات العلمية