الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
365 - " إذا اختلفتم في الطريق؛ فاجعلوه سبعة أذرع " ؛ (حم م د ت هـ) ؛ عن أبي هريرة ؛ (حم هـ هق) ؛ عن ابن عباس ؛ (صح).

التالي السابق


(إذا اختلفتم) ؛ أي: تنازعتم؛ أيها المالكون لأرض؛ وأردتم البناء فيها؛ قال ابن جرير : أو قسمتها؛ ولا ضرر على أحد منهم فيها؛ (في الطريق) ؛ أي: في قدر غرس الطريق التي تجعلونها بينكم للمرور فيها؛ فإذا أراد البعض جعلها أقل من سبعة أذرع؛ وبعضهم سبعة؛ أو أكثر؛ مع اجتماع الكل على طلب فرض الطريق؛ (فاجعلوه) ؛ وجوبا؛ بمعنى أنه يقضى بينهم بذلك عند الترافع؛ كما بينه ابن جرير الطبري ؛ فليس المراد الإرشاد؛ كما وهم؛ (سبعة) ؛ وفي رواية: " سبع" ؛ قال النووي : وهما صحيحان؛ فالذراع يذكر؛ ويؤنث؛ (أذرع) ؛ بذراع البنيان المعروف؛ وقيل: بذراع اليد المعتدلة؛ ورجحه ابن حجر؛ وأصل " الذراع" ؛ كما قال المطرزي : من المرفق؛ إلى طرف الأصابع؛ ثم سمي به الخشبة؛ أو الحديدة التي يذرع بها؛ وتأنيثه أفصح؛ وذلك لأن في السبعة كفاية لمدخل الأحمال والأثقال؛ ومخرجها؛ ومدخل الركبان والرحال؛ ومطرح الرماد وغيره؛ ودونها لا يكفي لذلك؛ قال الإمام الطبري - وتبعه الخطابي -: هذا إذا بقي بعده لكل واحد من الشركاء فيه ما ينتفع به؛ بدون مضرة؛ وإلا جعل على حسب الحال الدافع للضرر؛ أما الطريق المختص؛ فلا تحديد فيه؛ فلمالكه جعله كيف شاء؛ وأما الطريق المسلوك؛ فيبقى على حاله؛ لأن يد المسلمين عليه؛ وأما في الفيافي فيكون أكثر من سبعة؛ لممر الجيوش؛ ومسرح الأنعام؛ والتقاء الصفوف؛ وقال النووي : حديث السبعة أذرع محمول على أمهات الطرق؛ التي هي ممر العامة؛ لأحمالهم؛ وماشيتهم؛ بأن يتشاحح من له أرض يتصل بها مع من له فيها حق؛ فيجعل بينها سبعة أذرع؛ بالذراع المتعارف؛ أما ثنيات الطرق؛ فبحسب الحاجة؛ وحال المتنازعين؛ فيوسع لأهل البدو ما لا يوسع لأهل الحضر؛ وفي الفيافي يجعل أكثر من سبعة؛ لأنها ممر الجيوش والقوافل؛ ولو جعلت الطريق في كل محل سبعة؛ أضر بأملاك كثير من الناس؛ انتهى؛ والحاصل أن الطريق يختلف سعتها بحسب اختلاف أحوالها؛ كما في المطامح؛ قال ابن حجر: ويلحق بأهل البنيان من قعد في حافة الطريق للبيع؛ فإن كان الطريق أزيد من سبعة؛ لم يمنع من القعود في الزائد؛ وإن كان أقل؛ منع.

(حم م د) ؛ في البيوع؛ (ت) ؛ وقال: حسن صحيح؛ (هـ؛ عن أبي هريرة ؛ حم هـ هق؛ عن ابن عباس ) ؛ ظاهر صنيع المؤلف أنه مما تفرد به مسلم عن صاحبه؛ والأمر بخلافه؛ بل رواه البخاري عن أبي هريرة - رضي الله (تعالى) عنه -؛ وعزاه له جمع؛ منهم الديلمي وغيره.



الخدمات العلمية