الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
375 - " إذا أراد الله بعبد خيرا جعل صنائعه ومعروفه في أهل الحفاظ؛ وإذا أراد بعبد شرا جعل صنائعه ومعروفه في غير أهل الحفاظ " ؛ (فر)؛ عن جابر ؛ (ض).

التالي السابق


(إذا أراد الله بعبد خيرا) ؛ أي: كمالا عظيما؛ قيل: المراد بالخير المطلق: الجنة؛ وقيل: عموم خيري الدنيا؛ والآخرة؛ (جعل صنائعه) ؛ أي: فعله الجميل؛ جمع " صنيعة" ؛ وهي العطية والكرامة والإحسان؛ (ومعروفه) ؛ أي: حسن صحبته ومواساته؛ (في أهل الحفاظ) ؛ بكسر الحاء؛ وخفة الفاء؛ أي: أهل الدين؛ والأمانة؛ الشاكرين للناس؛ لأن الصنيعة لا يعتد بها إلا أن تقع موقعها؛ وفي الفردوس قال حسان بن ثابت :


إن الصنيعة لا تكون صنيعة ... حتى يصاب بها طريق المصنع



فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " صدقت" ؛ و" الإرادة" : نزوع النفس؛ وميلها إلى الشيء؛ وهي نقيض الكراهة؛ التي هي النفرة؛ وإرادة الله ليست بصفة زائدة على ذاته؛ كإرادتنا؛ بل هي عين حكمته؛ التي تخصص وقوع الفعل على وجه دون آخر؛ وحكمته عين علمه المقتضي لنظام الأشياء على الوجه الأصلح؛ والترتيب الأكمل؛ وانضمامها مع القدرة هو الاختيار؛ (وإذا أراد الله بعبد شرا) ؛ أي: خذلانا وهوانا؛ (جعل صنائعه ومعروفه في غير أهل الحفاظ) ؛ أي: جعل عطاياه وفعله الجميل في غير أهل الدين والأمانة؛ وصرح بالثاني؛ مع فهمه من الأول؛ حثا للإنسان على أنه ينبغي له أن يقصد بمعروفه أهل المعروف؛ ويتحرى إيقاعه فيهم؛ قال بعض الحكماء: والمصطنع إلى اللئيم كمن أعطى الخنزير درا؛ وقرظ الكلب تبرا؛ وألبس الحمار وشيا؛ وألقم الحية شهدا؛ وقال ابن غزية: خمسة أشياء ضائعة: سراج في شمس؛ وحسناء تزف لأعمى؛ ومطر في سبخة؛ وطعام قدم لشبعان؛ وصنيعة عند من لا يشكرها؛ فينبغي للإنسان تحري اختيار المصرف؛ حتى تقع العطية في المحل اللائق؛ ويسلم من مخالفة الحكمة؛ قال الشاعر:


إنما الجود أن تجود على من ... هو للفضل والكرامة أهلا



وقال المتنبي :


ووضع الندى في موضع السيف بالعلا ... مضر كوضع السيف في موضع الندى



(فر؛ عن جابر ) ؛ ورواه عنه أيضا ابن لال ؛ وعنه في طريقه عنه: خرجه الديلمي ؛ فلو عزاه له كان أولى؛ ثم إن فيه خلف بن يحيى؛ قال الذهبي عن أبي حاتم : كذاب؛ فمن زعم صحته فقد غلط.



الخدمات العلمية