الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
385 - " إذا أراد الله بعبده الخير؛ عجل له العقوبة في الدنيا؛ وإذا أراد بعبده الشر؛ أمسك عنه بذنبه حتى يوافى به يوم القيامة " ؛ (ت ك) ؛ عن أنس ؛ (طب ك هب) ؛ عن عبد الله بن مغفل ؛ (طب)؛ عن عمار بن ياسر ؛ (عد)؛ عن أبي هريرة ؛ (صح).

التالي السابق


(إذا أراد الله بعبده الخير) ؛ كذا هو في خط المؤلف؛ وفي نسخ: " بعبد خيرا" ؛ ولا أصل له في نسخته؛ (عجل) ؛ بالتشديد؛ أسرع؛ (له العقوبة) ؛ بصب البلاء والمصائب عليه؛ (في الدنيا) ؛ جزاء لما فرط منه من الذنوب؛ فيخرج منها وليس عليه ذنب يوافى به يوم القيامة؛ كما يعلم من مقابلة الآتي؛ ومن فعل ذلك معه فقد أعظم اللطف به؛ لأن من حوسب بعمله عاجلا في الدنيا؛ خف جزاؤه عليه؛ حتى يكفر عنه بالشوكة يشاكها؛ حتى بالقلم الذي يسقط من الكاتب؛ فيكفر عن المؤمن بكل ما يلحقه في دنياه؛ حتى يموت على طهارة من دنسه؛ وفراغ من جنايته؛ كالذي يتعاهد ثوبه وبدنه بالتنظيف؛ قاله الحراني ؛ (وإذا أراد بعبده الشر) ؛ وفي رواية: " شرا" ؛ (أمسك عنه بذنبه) ؛ أي: أمسك عنه ما يستحقه؛ بسبب ذنبه؛ من العقوبة في الدنيا؛ (حتى يوافى به يوم القيامة) ؛ إن لم يدركه العفو؛ ولعذاب الآخرة أشد وأبقى ؛ والله (تعالى) لم يرض الدنيا أهلا لعقوبة أعدائه؛ كما لم يرضها أهلا لمثابة أحبابه؛ ومن هذا التقرير عرف أن الضمير المرفوع في " يوافى" ؛ راجع إلى الله؛ والمنصوب إلى العبد؛ قال الطيبي: ويجوز عكسه؛ والمعنى: لا يجازيه بذنبه حتى يجيء في الآخرة مستوفي الذنوب؛ وافيها؛ فيستوفي حقه من العذاب؛ قال الغزالي: و" الذنب" ؛ عبارة عن كل ما هو مخالف لأمر الله (تعالى)؛ من قول؛ أو فعل؛ والحديث له تتمة عند مخرجه الترمذي ؛ وهي: " وإن الله (تعالى) إذا أحب قوما ابتلاهم؛ فمن رضي فله الرضا؛ ومن سخط فله السخط" .

(ت) ؛ في الزهد؛ وقال: حسن غريب؛ (ك)؛ في الحدود؛ من حديث سعد بن سنان؛ (عن أنس ) ؛ قال الذهبي في موضع: سعد ليس بحجة؛ وفي آخر: كأنه غير صحيح؛ (طب ك) ؛ وكذا أحمد ؛ ولعله أغفله ذهولا؛ (عن عبد الله بن مغفل ) ؛ بضم الميم؛ وفتح المعجمة؛ وشد الفاء؛ أي: عبد الرحمن المزني الأنصاري؛ من أصحاب الشجرة؛ قال: لقي رجل امرأة كانت بغيا؛ فجعل يداعبها؛ حتى بسط يده إليها؛ فقالت: مه؛ فإن الله قد أذهب الشرك؛ فولى؛ فأصابه الحائط فشجه؛ فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخبره؛ فقال له: " أنت عبد أراد الله بك خيرا..." ؛ ثم ذكره؛ قال الهيتمي: رجال أحمد رجال الصحيح؛ وكذا أحد إسنادي الطبراني ؛ وطريقه الآخر فيه هشام بن لاحق؛ ترك أحمد حديثه؛ وضعفه ابن حبان ؛ (طب؛ عن عمار بن ياسر ) ؛ قال: مرت امرأة برجل؛ فأحدق بصره إليها؛ فمر بجدار فلمس وجهه؛ فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يسيل دما؛ فقال: هلكت؛ قال: " وما أهلكك؟" ؛ قال: خرجت من منزلي؛ فإذا أنا بامرأة؛ فأتبعتها بصري؛ فأصاب وجهي الجدار؛ فأصابني ما ترى؛ فذكره؛ رمز المؤلف لصحته.



الخدمات العلمية