الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
491 - " إذا أمن الإمام فأمنوا؛ فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه " ؛ مالك ؛ (حم ق 4) ؛ عن أبي هريرة ؛ (صح).

التالي السابق


(إذا أمن) ؛ بالتشديد؛ (الإمام) ؛ أي: أراد التأمين؛ أي: أن يقول: " آمين" ؛ عقب الفاتحة؛ في جهرية؛ (فأمنوا) ؛ أي: قولوا: " آمين" ؛ مقارنين له؛ لأن التأمين لقراءة الإمام؛ لا لتأمينه؛ فلا يتأخر عنه؛ وفيه ندب التأمين للإمام؛ خلافا لمالك ؛ ورفع صوته به؛ إذ لو لم يجهر به لما علم تأمينه المأموم؛ وظاهر الحديث أنه إذا لم يؤمن؛ لا يؤمن المقتدي؛ وهو غير مراد؛ ووقع لبعض أعاظم الشافعية من سوء التعبير ما لا يليق بمقامه؛ وهو أنه قال: قضية الخبر أن الإمام إذا لم يؤمن؛ لا يؤمن؛ وهو وجه؛ والأصح خلافه؛ هذه عبارته؛ ولعله سرى لذهنه أنه تقرر في الفقه؛ وحاشاه أن يقصد أن الأصح خلاف قضية كلام المصطفى - صلى الله عليه وسلم -؛ (فإنه) ؛ أي: الشأن؛ وهذا كالتعليل لما قبله؛ (من وافق تأمينه تأمين الملائكة) ؛ قولا؛ وزمنا؛ وقيل: إخلاصا؛ وخشوعا؛ واعترض؛ والمراد جميعهم؛ لأن " ال" ؛ الداخلة على الجمع؛ تفيد الاستغراق؛ أو الحفظة؛ أو الذين يتعاقبون؛ أو من يشهد تلك الصلاة؛ ممن في الأرض؛ أو في السماء؛ ورجحه ابن حجر؛ ولا يعد في سماع تأمين من في الأرض؛ لقوة الإدراك؛ المودعة فيهم؛ والمراد بتأمينهم قولهم عقب القراءة: " آمين" ؛ ومعناه: " استجب للمصلين ما سألوه من نحو طلب الهداية والاستعانة" ؛ وقد خفي هذا؛ مع ظهوره؛ على من أول التأمين بالاستغفار؛ (غفر له ما تقدم) ؛ زاد في رواية للجرجاني في أماليه: " وما تأخر" ؛ قال ابن حجر: وهي شاذة؛ (من ذنبه) ؛ أي: من الصغائر؛ لا الكبائر؛ لأنه صح أن الصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر؛ فإذا لم تكفر الفروض الكبائر؛ فكيف يكفرها سنة التأمين؛ لكن نازع فيه التاج السبكي بأن المكفر ليس التأمين الذي هو صنع المؤمن؛ بل وفاق الملائكة؛ وليس صنعه؛ بل فضل الله؛ وعلامة على سعادة الموافق؛ قال: فالحق أنه عام؛ خص منه تبعات الناس؛ وجرى عليه الكرماني؛ فقال: عموم اللفظ يقتضي المغفرة؛ فيستدل بالعام ما لم يظهر المخصص؛ و" من" ؛ للبيان؛ لا للتبعيض؛ وفيه ندب التأمين مطلقا؛ ورد على الإمامية الزاعمين أنه يبطل الصلاة؛ لكونه ليس قرآنا؛ ولا ذكرا؛ وأن الملائكة يدعون للبشر؛ ووجوب الفاتحة؛ لأن التأمين لا يكون إلا عقبها؛ ( مالك ) ؛ في الموطإ؛ (حم ق) ؛ في الصلاة؛ كلهم؛ (عن أبي هريرة ) ؛ وغيره.



الخدمات العلمية