3966 3967 ص: واحتجوا في ذلك بما حدثنا ربيع المؤذن ، قال: ثنا أسد ، قال: ثنا حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر -رضي الله عنه-: " أن رسول الله -عليه السلام- لما أتى المزدلفة صلى المغرب بأذان . وإقامة".
ففي هذا الحديث أن رسول الله -عليه السلام- لما أتى المزدلفة صلى المغرب بأذان وإقامة، وهذا خلاف ما روى مالك بن الحارث عن ابن عمر، وقد أجمعوا أن الأولى من الصلاتين اللتين تجمعان بعرفة يؤذن لها ويقام، فالنظر على ذلك: أن يكون كذلك حكم الأول من الصلاتين اللتين تجمعان بجمع.
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب ، قال: ثنا مالك ، عن موسى بن عقبة ، عن كريب مولى عبد الله بن عباس ، عن أسامة بن زيد ، أنه سمعه يقول: " دفع رسول الله -عليه السلام- من عرفة، ، حتى إذا كان بالشعب نزل فبال، ثم توضأ فلم يسبغ الوضوء، فقلت له: الصلاة، فقال: الصلاة أمامك، فركب حتى جاء المزدلفة، فنزل فتوضأ فأسبغ الوضوء، ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب، ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله، ثم أقيمت العشاء فصلاها، ولم يصل بينهما شيئا".
[ ص: 19 ] فقد اختلف عن النبي -عليه السلام- في الصلاتين بمزدلفة: : هل صلاهما معا أو عمل بينهما عملا؟ فروي في ذلك ما قد ذكرنا في حديث ابن عمر 5 وأسامة. .
واختلف عنه: كيف صلاهما؟ فقال بعضهم: بأذان وإقامة، وقال بعضهم: بأذان وإقامتين، وقال بعضهم: بإقامة واحدة ليس معهما أذان.
فلما اختلفوا في ذلك على ما ذكرنا، وكانت الصلاتان يجمع بينهما بمزدلفة ، وهما المغرب والعشاء، كما يجمع بين الصلاتين بعرفة ، وهما الظهر والعصر، فكان هذا الجمع في هذين الموطنين جميعا لا يكون إلا لمحرم في حرمة الحج، ، فلا يكون لحلال، ولا لمعتمر غير حاج، وكانت الصلاتان بعرفة تصلى إحداهما في إثر صاحبتها، ولا يعمل بينهما عمل، وكانتا يؤذن لهما أذان واحد وتقام لهما إقامتان، كان النظر على ذلك أن تكون الصلاتان بمزدلفة كذلك، وأن تكون إحداهما تصلى في إثر صاحبتها ولا يعمل بينهما عمل، وأن يؤذن لهما أذان واحد ويقام لهما إقامتان كما يفعل بعرفة سواء، هذا هو النظر في هذا الباب.


