الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                [ ص: 91 ] 4018 ص: فقد جاءت هذه الآثار [عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -] أنه كان يلبي حتى رمى جمرة العقبة، وصح مجيئها، ولم يخالفها عندنا ما قدمناه في أول هذا الباب لما قد شرحنا وبينا، وهذا الفضل بن عباس فقد كان رديف رسول الله -عليه السلام- حين دفع من عرفة، ، وقد رأى رسول الله -عليه السلام- يلبي حينئذ وبعد ذلك، وقد ذكرنا عن أسامة أنه قال: "كنت رديف رسول الله -عليه السلام- بعرفة ، فلم يكن يزيد على التهليل والتكبير". فدلت تلبيته بعد عرفة أنه كان له أن يلبي أيضا بعرفة، وأنه إنما كان بتكبيره وبتهليله بعرفة كما كان له قبلها لا أن يجعل مكان التلبية تهليلا وتكبيرا، ألا ترى إلى قول عبد الله في حديث مجاهد: " : لبى رسول الله -عليه السلام- حتى رمى جمرة العقبة إلا أنه كان ربما خلط ذلك بتكبير وتهليل". فأخبر عبد الله أن رسول الله -عليه السلام- قد كان يخلط التكبير بالتلبية، وكان التهليل والتكبير لا يدلان على أن لا تلبية في وقتهما، والتلبية في ذلك الوقت تدل على أن ذلك الوقت كان وقت تلبية.

                                                فثبت بتصحيح هذه الآثار أن وقت التلبية إلى أن يرمي جمرة العقبة يوم النحر.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي قد جاءت هذه الأحاديث عن حسين بن علي وأبيه علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس وأخيه الفضل بن عباس وعبد الله بن مسعود -رضي الله عنهم- أنه -عليه السلام- كان يلبي حتى رمى جمرة العقبة.

                                                قوله: "وصح مجيئها" إشارة إلى صحة هذه الآثار لأنه أخرجها بأسانيد رجالها ثقات. قوله: "ولم يخالفها عندنا ما قدمناه" إشارة إلى نفي المعارضة بين أحاديث هؤلاء وأحاديث عبد الله بن عمر وأسامة بن زيد وأنس بن مالك وجابر بن عبد الله؛ لأنا قد ذكرنا أن أحاديث عبد الله بن عمر ومن معه لا تستلزم نفي التلبية، فإذن لا معارضة بين الأحاديث كلها، وباقي الكلام ظاهر.




                                                الخدمات العلمية