الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                4097 ص: حدثنا يونس ، قال: ثنا عبد الله بن يوسف ، قال: ثنا الليث ، عن ابن الهاد ، عن أبي مرة، مولى عقيل بن أبي طالب: " أنه دخل هو وعبد الله بن عمرو بن العاص ، على عمرو بن العاص ، وذلك الغد أو بعد الغد من أيام التشريق، فقرب إليهم عمرو طعاما، فقال عبد الله: : إني صائم، فقال له عمرو: : أفطر؛ فإن هذه الأيام التي كان رسول الله -عليه السلام- يأمرنا بفطرها -أو ينهانا عن صيامها- فأفطر عبد الله، ، فأكل وأكلت".

                                                التالي السابق


                                                ش: رجاله كلهم رجال الصحيح، وابن الهاد هو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد المدني روى له الجماعة، وأبو مرة مولى عقيل بن أبي طالب اسمه يزيد .

                                                وأخرجه الدارمي في "سننه": أنا عبد الله بن صالح، حدثني الليث ... إلى آخره نحوه سواء.

                                                قوله: "وذلك الغد" ذلك إشارة إلى الدخول الذي دل عليه قوله: "أنه دخل هو وعبد الله" والمعنى دخولهما على عمرو بن العاص كان في الغد من أيام التشريق أو بعد الغد منها.

                                                فإن قيل: كيف إعراب "وذلك الغد"؟

                                                قلت: ذلك في محل الرفع على الابتداء، وخبره "الغد" منصوب بتقدير "في" والمعنى: ذلك حصل في الغد، أي الدخول حصل في الغد من أيام التشريق، ونظيره زيد خلفك، فالخبر في الحقيقة حصل، فلما حذف صار الخبر هو الظرف

                                                [ ص: 179 ] على المجاز، ولا يجوز الرفع في "الغد" لأن الخبر ما يصدق على المبتدأ، والغد لا يصدق على الدخول؛ لأنه لا يقال: الدخول غد، كما يقال: الدخول حصل أو حاصل، ولكن جوز الرفع فيما إذا أخبر عن الحدث بالزمان المعرفة، نحو سرنا شهر رمضان، وذلك على الاتساع تشبيها بالخبر الحقيقي، إذ ليس رمضان نفس السير، وذلك ليفيد العموم، كما في قوله تعالى: وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ويجوز النصب أيضا ليفيد وقوعه فيه لا العموم، وإن أخبر عن النكرة فالجيد الرفع نحو سيرنا يوم؛ لأن القصد عموم اليوم بالسير، ولو نصب لكان ظرفا ويفيد وقوع السير في يوم، فافهم، فإنه بحث دقيق لا يدركه إلا ذو قريحة وقادة وطبيعة نقادة.




                                                الخدمات العلمية