الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                4050 4051 ص: واحتجوا في ذلك بما حدثنا يونس ، قال: ثنا سفيان ، عن سليمان -وهو ابن أبي مسلم الأحول- عن طاوس ، عن ابن عباس قال: "كان الناس ينفرون من كل وجه، فقال رسول الله -عليه السلام-: لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده الطواف بالبيت".

                                                حدثنا يونس ، قال: ثنا سفيان ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس: " أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت ، إلا أنه قد خفف عن المرأة الحائض". .

                                                التالي السابق


                                                ش: أي واحتج الآخرون فيما ذهبوا إليه بحديث عبد الله بن عباس .

                                                وأخرجه من طريقين رجالهما كلهم رجال الصحيح:

                                                الأول: عن يونس بن عبد الأعلى ، عن سفيان بن عيينة ، عن سليمان بن أبي مسلم المكي الأحول خال عبد الله بن أبي نجيح ، وأبو مسلم يقال اسمه عبد الله .

                                                وأخرجه مسلم: نا سعيد بن منصور وزهير بن حرب، قالا: ثنا سفيان ، عن سليمان الأحول ، عن طاوس ، عن ابن عباس قال: "كان الناس ينصرفون في كل وجه، فقال رسول الله -عليه السلام-: لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت". قال زهير: "ينصرفون كل وجه" لم يقل: في.

                                                الثاني: عن يونس أيضا، عن سفيان أيضا، عن عبد الله بن طاوس ، عن أبيه،

                                                عن ابن عباس .

                                                وأخرجه مسلم أيضا: ثنا سعيد بن منصور وأبو بكر بن أبي شيبة واللفظ لسعيد، قالا: ثنا سفيان ، عن ابن طاوس ، عن أبيه، عن ابن عباس قال: "أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض".

                                                [ ص: 124 ] قوله: "ينفرون" أي يذهبون ويفرون، من نفر ينفر نفورا ونفارا من باب ضرب يضرب.

                                                قوله: "آخر عهده" أي آخر وقته الذي يفارق فيه مكة.

                                                فإن قيل: الرواية الأولى كيف تدل على سقوط طواف الوداع عن الحائض؟

                                                قلت: الرواية الثانية تدل على ذلك، وهي مقيدة فحمل المطلق على المقيد.

                                                فإن قيل: ما تقول فيمن طاف طواف الوداع، ثم تشاغل في مكة بعده، ثم خرج، هل عليه طواف آخر أم لا؟

                                                قلت: لا. فيكفيه ذلك الطواف.

                                                فإن قيل: أليس أمر في الحديث أن يكون آخر عهده الطواف بالبيت ولما تشاغل بعده لم يقع الطواف آخر عهده فيجب أن لا يجوز إذا لم يأت بالمأمور به؟ قلت: المراد منه آخر عهده بالبيت نسكا لا إقامة، والطواف آخر مناسكه بالبيت وإن تشاغل بغيره، وروي عن أبي حنيفة أنه قال: إذا طاف للصدر ثم أقام إلى الغد، فأحب أن يطوف طوافا آخر؛ لئلا يكون بين وداعه وبين نفره حائل.




                                                الخدمات العلمية