4082 ص: فنظرنا في ذلك، فإذا هذا القارن قد حلق رأسه في وقت الحلق عليه حرام، وهو في حرمة حجة وفي حرمة عمرة، وكان القارن ما أصاب في قرانه مما لو أصابه وهو في حجة أو في عمرة مفردة وجب عليه دم، فإذا أصابه وهو قارن وجب عليه دمان، فاحتمل أن يكون حلقه أيضا قبل وقته يوجب عليه أيضا دمين كما قال زفر، . فنظرنا في ذلك، فوجدنا الأشياء التي توجب على القارن دمين فيما أصاب في قرانه هي الأشياء التي لو أصابها وهو في حرمة حجة أو في حرمة عمرة وجب عليه دم، فإذا أصابهما في حرمتهما وجب عليه دمان لجماع وما أشبهه، وكان حلقه قبل أن يذبح لم يحرم بسبب العمرة خاصة ولا بسبب الحجة خاصة إنما وجب عليه بسببهما
[ ص: 153 ] وبحرمة الجمع بينهما، لا بحرمة الحجة خاصة ولا بحرمة العمرة خاصة، فأردنا أن ننظر أي ننظر في حكم ما يجب بالجمع هل هو شيئان أو شيء واحد، فنظرنا في ذلك، فوجدنا الرجل إذا أحرم بحجة مفردة أو بعمرة مفردة لم يجب عليه شيء، وإذا جمعهما جميعا وجب عليه لجمعه بينهما شيء لم يكن يجب عليه في إفراده كل واحدة منهما، فكان ذلك الشيء دما واحدا، فالنظر على ذلك أن يكون كذلك الحلق قبل الذبح الذي منع منه الجمع بين العمرة والحج ولا تمنع منه واحدة منها لو كانت مفردة، أن يكون الذي يجب به فيه دم واحد، فيكون أصل في انتهاكه الحرم في قرانه أن ينظر، فما كان من تلك الحرم يحرم بالحجة خاصة أو بالعمرة خاصة فإذا جمعتا جميعا فتلك الحرمة محرمة بشيئين مختلفين، فيكون على من انتهكهما كفارتان. ما يجب على القارن
وكل حرمة لا تحرمها الحجة على الانفراد ولا العمرة على الانفراد، إنما يحرمها الجمع بينهما، فإذا انتهكت فعلى الذي انتهكها دم واحد؛ لأنه انتهك حرمة حرمت عليه بسبب واحد وهو الجمع بينهما، فهذا هو النظر في هذا الباب، وهو قول أبي حنيفة ، -رضي الله عنه- وبه نأخذ.