5553 ص: وقال كان ما روي عن رسول الله -عليه السلام- من الحكم في المصراة بما في الآثار الأول في وقت ما كانت العقوبات في الذنوب تؤخذ بها الأموال، فمن ذلك ما روي عن رسول الله -عليه السلام- في الزكاة: عيسى بن أبان: ومن ذلك ما روي عنه في حديث "أنه من أدى طائعا فله أجرها، وإلا أخذناها منه وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا -عز وجل-"، في سارق الثمرة التي لم تحرز: "أنه يضرب جلدات نكالا، ويغرم مثليها"، وقد ذكرنا ذلك بأسانيده في باب وطء الرجل جارية امرأته، فأغنانا ذلك عن إعادة ذكرها ها هنا. عمرو بن شعيب
قال: فلما كان الحكم في أول الإسلام كان كذلك حتى نسخ الله -عز وجل- الربا فردت الأشياء المأخوذة إلى أمثالها إن كانت لها أمثال، وإلى قيمتها إن كانت لا أمثال لها، وكان رسول الله -عليه السلام- نهى عن التصرية وروي عنه في ذلك.
فذكر ما حدثنا قال: ثنا ربيع المؤذن، ، قال: ثنا أسد المسعودي ، عن جابر الجعفي ، عن ، عن أبي الضحى ، عن مسروق -رضي الله عنه- قال: عبد الله أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إن بيع المحفلات خلابة ولا تحل خلابة مسلم" أشهد على الصادق المصدوق . فكان من فعل ذلك وباع ما قد جعل بيعه إياه مخالفا لما أمر به رسول الله -عليه السلام-، وداخلا فيما نهى عنه، فكانت عقوبته في ذلك أن يجعل اللبن المحلوب في الأيام الثلاثة للمشتري بصاع من تمر، ولعله يساوي آصعا كثيرة، ثم نسخت العقوبات في الأموال بالمعاصي، وردت الأشياء إلى ما ذكرنا، فلما كان ذلك كذلك، ووجب رد المصراة بعينها، وقد زايلها اللبن؛ علمنا أن ذلك اللبن الذي أخذه المشتري منها قد كان بعضه في ضرعها في وقت وقوع البيع عليها فهو في حكم المبيع، وبعضه حدث في ضرعها في ملك المشتري بعد وقوع البيع عليها فذلك للمشتري، فلما لم يكن رد اللبن بكماله على البائع إذ كان بعضه مما لم يملك ببيعه، ولم يمكن أن يجعل [ ص: 441 ] اللبن كله للمشتري إذ كان ملك بعضه من قبل البائع ببيعه إياه الشاة التي قد ردها عليه بالعيب، وقد كان ملكه له بجزء من الثمن الذي كان وقع به البيع، فلم يجز أن يرد الشاة بجميع الثمن ويكون ذلك اللبن سالما له بغير ثمن، فلما كان ذلك كذلك منع المشتري من ردها، ورجع على بائعه بنقصان عيبها.
قال عيسى : ( -رحمه الله-: فهذا وجه حكم بيع المصراة.