5555 5556 5557 5558 5559 ص: ويقال للذي ذهب إلى العمل بما روي في المصراة ما قد ذكرناه في أول هذا الباب: قد روي عن رسول الله -عليه السلام- أنه قال: "الخراج بالضمان" وعملت بذلك العلماء.
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم ، عن ابن أبي ذئب (ح).
وحدثنا صالح بن عبد الرحمن ، قال: ثنا القعنبي، قال: ثنا ابن أبي ذئب، عن مخلد بن خفاف ، عن عروة ، عن عائشة، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الخراج بالضمان".
حدثنا محمد بن خزيمة ، قال: ثنا أبو الوليد، قال: ثنا الزنجي بن خالد ، سمعته يقول: زعم لنا هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة -رضي الله عنها-: "أن رجلا اشترى عبدا فاستغله، ثم رأى به عيبا فخاصمه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فرده بالعيب، فقال: يا رسول الله إنه قد استغله، فقال له: الغلة بالضمان".
حدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا مطرف بن عبد الله ، قال: ثنا الزنجي بن خالد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله.
حدثنا صالح بن عبد الرحمن ، قال: ثنا عبد الملك بن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون ، قال: ثنا مسلم بن خالد ... ، فذكر بإسناد مثله.
[ ص: 447 ] فتلقى العلماء هذا الخبر بالقبول، وزعمت أنت أن رجلا لو اشترى شاة فحلبها، ثم أصاب بها عيبا غير التحصيل أنه يردها، ويكون اللبن له، وكذلك لو كان مكان اللبن ولد ولدته، ردها على البائع وكان الولد له، وكان ذلك عندك من الخراج الذي جعله النبي -عليه السلام- للمشتري بالضمان، فليس يخلو الصاع الذي توجبه على مشتري المصراة إذا ردها على البائع بالتصرية أن يكون عوضا من جميع اللبن الذي احتلبه منها الذي كان بعض في ضرعها في وقت وقوع البيع، وحدث بعضه في ضرعها بعد البيع، أو يكون عوضا من اللبن الذي كان في ضرعها في وقت البيع خاصة، فإن كان عوضا منهما فقد نقضت بذلك أصلك الذي جعلت به الولد واللبن للمشتري بعد الرد بالعيب؛ لأنك جعلت حكمهما حكم الخراج الذي جعله النبي -عليه السلام- للمشتري بالضمان.
وإن كان ذلك الصاع عوضا عما كان في ضرعها في وقت وقوع البيع خاصة، والباقي سالم للمشتري لأنه من الخراج، فقد جعلت للبائع صاعا دينا بلبن دين، وهذا غير جائز في قولك ولا في قول غيرك، فعلى أي الوجهين كان هذا المعنى عليه عندك؟! فأنت به تارك أصلا من أصولك، وقد كنت بالقول بنسخ هذا الحكم في المصراة أولى من غيرك؛ لأنك أنت تجعل اللبن في حكم الخراج، وغيرك لا يجعله كذلك.


