5606 5607 5608 5609 5610 5611 5612 5613 5614 5615 5616 ص: وهذا التأويل الذي ذكرناه عن أبي حنيفة أولى ما حمل عليه وجه هذا الحديث، لأن الآثار قد جاءت عن رسول الله -عليه السلام- متواترة بالنهي عن بيع الثمر بالتمر، منها ما قد ذكرناه في أول هذا الباب، ومنها:
ما حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، قال: حدثني سعيد ، وأبو سلمة ، عن أبي هريرة، أن رسول الله -عليه السلام- قال: لا تبايعوا الثمر بالتمر". .
[ ص: 515 ] قال ابن شهاب: : وحدثني سالم بن عبد الله ، عن أبيه، عن النبي -عليه السلام-.
مثله سواء.
حدثنا يزيد وابن أبي داود ، قالا: ثنا عبد الله بن صالح ، قال: حدثني الليث ، قال: حدثني عقيل ، عن ابن شهاب ، عن سالم ، عن أبيه ، عن النبي -عليه السلام-، مثله.
حدثنا محمد بن الحجاج ، قال: ثنا خالد بن عبد الرحمن ، قال: ثنا حماد بن سلمة ، عن عمرو بن دينار ، قال: : سمعت ابن عمر ، -رضي الله عنهما- سئل عن رجل اشترى ثمرة بمائة فرق يكيل له، قال: نهى رسول الله -عليه السلام- عن هذا -يعني المزابنة".
حدثنا نصر بن مرزوق ، قال: ثنا أسد ، قال: ثنا يحيى بن زكريا قال: ثنا عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر قال: نهى رسول الله -عليه السلام- عن بيع ثمر النخل بالتمر كيلا، والزبيب بالعنب كيلا، والزرع بالحنطة كيلا".
حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا محمد بن عون ، قال: أنا حماد بن سلمة ، عن عمرو بن دينار: أن ابن عمر سئل عن رجل باع ثمرة أرضه من رجل بمائة فرق، فقال: نهى رسول الله -عليه السلام- عن هذا، وهو المزابنة".
حدثنا نصر بن مرزوق ، قال: ثنا أبو زرعة وهب الله بن راشد ، قال: أخبرني يونس ، قال: حدثني نافع ، أن عبد الله بن عمر قال: نهى رسول الله -عليه السلام- عن المزابنة، قال: والمزابنة: أن يشتري الرجل -أو يبيع- حائطه بتمر كيلا، أو كرمه بزبيب كيلا، أو أن يبيع الزرع كيلا . بشيء من الطعام".
حدثنا محمد بن عمرو بن يونس ، قال: ثنا أبو معاوية ، عن أبي إسحاق الشيباني ، عن عكرمة ، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "نهى رسول الله -عليه السلام- عن المحاقلة والمزابنة".
حدثنا المزني، قال: ثنا الشافعي ، عن سفيان ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن جابر ، عن النبي -عليه السلام-، مثله، وزاد: أن يبيع الرجل الزرع بمائة فرق حنطة، والمزابنة: : أن يبيع الثمر في رءوس النخل بمائة فرق". .
[ ص: 516 ] حدثنا فهد ، قال: ثنا ابن أبي مريم قال: ثنا محمد بن مسلم الطائفي ، قال: أنا إبراهيم بن ميسرة ، قال: أخبرني عمرو بن دينار ، عن جابر بن عبد الله قال: "نهى رسول الله -عليه السلام- عن المخابرة والمزابنة والمحاقلة".
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا حسين بن حفص ، قال: ثنا سفيان ، قال: حدثني سعد بن إبراهيم ، قال: حدثني عمر بن أبي سلمة ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال: نهى رسول الله -عليه السلام- عن المحاقلة ، والمزابنة. . قال والمحاقلة: الشرك في الزرع، والمزابنة: : التمر بالتمر في النخل".
فهذه الآثار قد تواترت عن رسول الله -عليه السلام- بالنهي عن بيع الكيل من التمر بالثمر في رءوس النخل، فإن حمل تأويل العرايا ، على ما ذهب إليه أبو حنيفة ، كان النهي على عمومه ولم يبطل منه شيء، وإن حمل على ما ذهب إليه مالك ، بن أنس: خرج منه ما تأول هو العرية عليه، فلا ينبغي أن يخرج شيء من حديث متفق عليه إلا بحديث متفق على تأويله، أو بدلالة أخرى متفق عليها، وقد روي أيضا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قد ذكرناه في غير هذا الموضع، في النهي عن بيع الرطب بالتمر، فإن حملنا معنى العرية على ما قال مالك؛ ، ضاد ما روي في النهي عن بيع الرطب بالتمر، وإن حملناه على ما قال أبو حنيفة؛ ، اتفقت معانيها ولم تتضاد، وأولى بنا في صرف وجوه الآثار ومعانيها ما ليس فيه تضاد ولا معارضة سنة بسنة.
فقد ثبت بما ذكرنا في العرايا ، ما ذهب إليه أبو حنيفة، والله أسأله التوفيق.


