تفسير قوله عز وجل { وآتوهم من مال الله الذي آتاكم }
أخبرنا الربيع قال : أخبرنا رضي الله تعالى عنه قال : أخبرنا الثقة عن الشافعي أيوب عن عن نافع أنه كاتب عبدا له بخمسة وثلاثين ألفا ووضع عنه خمسة آلاف أحسبه قال : من آخر نجومه . ابن عمر
( قال ) : وهذا والله تعالى أعلم عندي مثل قول الله عز وجل { الشافعي : وللمطلقات متاع بالمعروف } وإذا وضع عنه شيئا ما كان لم يجبر على أكثر منه ، فإن مات قبل أن يضع عنه جبر ورثته على ذلك ، فإن كانوا صغارا وضع عنه الحاكم أقل ما يقع عليه اسم الشيء من كتابته وما زاد سيد المكاتب أو ورثته إذا كانت أمورهم جائزة فهم متطوعون به ، فإن قيل فيجبر سيد المكاتب على أن يضع عنه مما عقد عليه الكتابة شيئا ؟ قيل : لبيان اختلافهما ، فإنه إذا كاتبه ممنوع من ماله وما أعطاه له دون ما كان مكاتبا وهو إذا كان رقيقا لا يمنع من ماله ولم يخرج من رقه ، وما ملك العبد فإنما يملكه لسيده وما ملك العبد بعد الكتابة ملكه العبد دونه ( قال ) : وإذا أدى المكاتب الكتابة كلها فعلى السيد أن يرد عليه منها شيئا ، فإن مات فعلى ورثته ، وإن كان وارثه موليا ، أو محجورا عليه في ماله أو كان على الميت دين ، أو وصية جعل للمكاتب أدنى الأشياء يحاصصهم به . : فلم جبرت سيد المكاتب على أن يضع عنه ولم تجبره على أن يكاتبه
وإذا ، فإن لم يكن له ولي فعلى الحاكم أن يوليه من رضيه له ويجبره على أن يعطيه أقل الأشياء ، وإن أدى المكاتب كتابته ، ثم مات سيده وأوصى إلى أحد دفعه إلى المكاتب فعلى الورثة من هذا ما كان على سيد المكاتب حتى يؤدوه من مال سيد المكاتب ، فإن كان على سيد المكاتب دين لم يكن لهم أن يحاصوا أهل الدين إلا بأقل ما يقع عليه اسم شيء . مات المكاتب وسيده وقد أدى
وإن كانوا متطوعين بما هو أكثر منه من أموالهم لم يحاص به المكاتب ولم يخرجوه من مال أبيهم لأنه لم يكن يلزمه إلا أقل الأشياء ، فإذا أخرجوا الأقل لم يضمنوا ; لأنه لا شيء له غيره وإن كان لمن بقي من الورثة رده ، وكذلك يكون لأهل الدين والوصية ; لأنه متطوع له بأكثر من أقل ما يقع عليه اسم الشيء من مال ليس له دون غيره ، وهكذا سيده لو فلس ، فأما لو أعطاه سيده شيئا ولم يفلس أو وضعه عنه فهو جائز له والشيء كل ماله ثمن وإن قل ثمنه فكان أقل من درهم وإن مات سيد المكاتب فأعطى وارثه المكاتب أكثر من أقل ما يقع عليه اسم الشيء جاز ، وإن كاتبه على دراهم فكذلك ، ولو أراد أن يعطيه ورقا من ذهب أو ورقا من شيء كاتبه عليه لم يجبر العبد على قبوله إلا أن يشاء ويعطيه مما أخذ منه لأن . كاتبه على دنانير فأعطاه حبة ذهب ، أو أقل مما له ثمن
[ ص: 36 ] قوله { من مال الله الذي آتاكم } يشبه - والله تعالى أعلم - آتاكم منه ، فإذا أعطاه شيئا غيره فلم يعطه من الذي أمر أن يعطيه ألا ترى أني لا أجبر أحدا له حق في شيء أن يعطاه من غيره ؟