الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( قال ) ولي المولي من حلف بيمين يلزمه بها كفارة ومن أوجب على نفسه شيئا يجب عليه إذا أوجبه فأوجبه على نفسه إن جامع امرأته فهو في معنى المولي ولا يلزمه الإيلاء حتى يصرح بأحد أسماء الجماع التي هي صريحة وذلك قوله والله لا أنيكك ولا أغيب ذكري في فرجك أو لا أدخله في فرجك أو لا أجامعك أو يقول : إن كانت عذراء والله لا أفتضك أو ما في مثل هذا المعنى فهو مول في الحكم ( وقال في القديم ) لو قال : والله لا أطؤك أو لا أمسك أو لا أجامعك فهذا كله باب واحد كلما كان للجماع اسم كنى به عن نفس الجماع فهو واحد وهو مول في الحكم قلنا : ما لم ينوه في لا أمسك في الحكم في القديم ونواه في الجديد وأجمع قوله فيهما بحلفه لا أجامعك أنه مول وإن احتمل أجامعك ببدني وهذا أشبه بمعاني العلم . والله أعلم .

( قال الشافعي ) رحمه الله ولو قال : والله لا أباشرك أو لا أباضعك أو لا أمسك أو ما أشبه هذا فإن أراد جماعا فهو مول وإن لم يرده فغير مول في الحكم ، ولو [ ص: 302 ] قال : والله لا أجامعك في دبرك فهو محسن ، ولو قال : والله لا يجمع رأسي ورأسك شيء أو لأسوأنك أو لتطولن غيبتي عنك أو ما أشبه هذا فلا يكون بذلك موليا إلا أن يريد جماعا ، ولو قال : والله ليطولن تركي لجماعك فإن عني أكثر من أربعة أشهر فهو مول ، ولو قال : والله لا أقربك خمسة أشهر ، ثم قال : إذا مضت خمسة أشهر فوالله لا أقربك سنة فوقف في الأولى فطلق ثم ارتجع فإذا مضت أربعة أشهر بعد رجعته وبعد خمسة أشهر وقف فإن كانت رجعته في وقت لم يبق عليه فيه من السنة إلا أربعة أشهر أو أقل لم يوقف ; لأني أجعل له أربعة أشهر من يوم يحل له الفرج .

وإن قال : إن قربتك فعلي صوم هذا الشهر كله لم يكن موليا كما لو قال : فعلي صوم يوم أمس ولو أصابها وقد بقي عليه من الشهر شيء كانت عليه كفارة أو صوم ما بقي ، ولو قال : إن قربتك فأنت طالق ثلاثا وقف فإن فاء وغابت الحشفة طلقت ثلاثا فإذا أخرجه ثم أدخله بعد فعليه مهر مثلها ، وإن أبى أن يفيء طلق عليه واحدة فإن راجع فله أربعة أشهر من يوم راجع ثم هكذا حتى ينقضي طلاق ذلك الملك ثلاثا ، ولو قال : أنت علي حرام يريد تحريمها بلا طلاق أو اليمين بتحريمها فليس بمول ; لأن التحريم شيء حكم فيه بكفارة إذا لم يقع به طلاق كما لا يكون الإيلاء والظهار طلاقا وإن أريد بهما طلاق ; لأنه حكم فيهما بكفارة .

ولو قال : إن قربتك فغلامي حر عن ظهاري إن تظاهرت لم يكن موليا حتى يظاهر ، ولو قال : إن قربتك فلله علي أن أعتق فلانا عن ظهاري وهو متظاهر لم يكن موليا وليس عليه أن يعتق فلانا عن ظهاره وعليه فيه كفارة يمين .

( قال المزني ) رحمه الله أشبه بقوله أن لا يكون عليه كفارة ألا ترى أنه يقول : لو قال : لله علي أن أصوم يوم الخميس عن اليوم الذي علي لم يكن عليه صوم يوم الخميس ; لأنه لم ينذر فيه بشيء يلزمه وإن صوم يوم لازم فأي يوم صامه أجزأ عنه ولم يجعل للنذر في ذلك معنى يلزمه به كفارة فتفهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية