باب القصاص في الشجاج والجراح والأسنان ومن به نقص أو شلل أو غير ذلك .
( قال ) رحمه الله : الشافعي جرح يشق وطرف يقطع فإذا والقصاص دون النفس شيئان حلق موضعها من رأس الشاج ثم شق بحديدة قدر عرضها وطولها فإن أخذت رأس الشاج كله وبقي شيء منه أخذ منه أرشه ، وكذا كل جرح يقتص منه . ولو شجه موضحة فبرئ أقص منه بقدر ما شق من الموضحة فإن أشكل لم أقد إلا مما استيقن وتقطع اليد باليد والرجل بالرجل من المفاصل ، والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن كان القاطع أفضل طرفا أو أدنى ما لم يكن نقص أو شلل ، فإن جرحه فلم يوضحه قطعت يده وأخذ منه أرش أصبع وإن كانت شلاء فله الخيار إن شاء اقتص بأن يأخذ أقل من حقه وإن شاء أخذ دية اليد وإن كان قاطع اليد ناقصا أصبعا لم يكن له القود فيأخذ أكثر وله حكومة يد شلاء ، وإن كان المقطوع أشل أقيد من الأصبع وأخذ أرش يده إلا أصبعا ولم ينتظر به أن يراقى إلى مثل جنايته أو لا . قطع أصبعه فتآكلت فذهبت كفه
( قال ) ولو أقدته فإن ذهبت كف المجني عليه جعلت على الجاني أربعة أخماس ديتها ، ولو كان مات منها قتلته به ; لأن الجاني ضامن لما حدث من جنايته والمستقاد منه غير مضمون له ما حدث من القود بسبب الحق . سأل القود ساعة قطع أصبعه
( قال ) وسمعت المزني رحمه الله يقول : لو الشافعي أقص من الموضحة فإن ذهبت عيناه ولم ينبت شعره فقد استوفى حقه وإن لم تذهب عيناه ونبت شعره زدنا عليه الدية وفي الشعر حكومة ولا أبلغ بشعر رأسه ولا بشعر لحيته دية . شجه موضحة فذهبت منها عيناه وشعره فلم ينبت ثم برئ
( قال ) رحمه الله هذا أشبه بقوله عندي قياسا على قوله : إذا المزني أنه يقطع فإن مات منها فقد استوفى حقه ، فكذلك إذا شجه مقتصا فذهبت منها عيناه وشعره فقد أخذ حقه ، غير أني أقول : إن لم ينبت شعره فعليه حكومة الشعر ما خلا موضع الموضحة فإنه داخل في الموضحة فلا نغرمه مرتين . قطع يده فمات عنها
( قال ) : ولو الشافعي لم يضمن الجاني من قطع الكف شيئا فإن مات من ذلك فنصف الدية على الجاني ويسقط نصفها ; لأنه جنى على نفسه ولو أصابته من جرح يده أكلة فقطعت الكف لئلا تمشي الأكلة في جسده وإن لم تقطع يد الجاني ولو رضي ، فإن سأل المقطوع أن يقطع له أصبع القاطع الثالث ويؤخذ له أرش الأصبعين والحكومة في الكف كان ذلك له ولا أبلغ بحكومة كفه دية أصبع ; لأنها تبع للأصابع وكلها مستوية ولا يكون أرشها كواحدة منها . كان في يد المقطوع أصبعان شلا
ولو قطعت له كفه وأخذت للمقطوعة يده أرش أصبعين تامتين ، ولو كان القاطع مقطوع الأصبعين لم تقطع [ ص: 349 ] لزيادة الأصبع ، ولو كان للقاطع ست أصابع كان للمقطوع قطع يده وحكومة الأصبع الزائدة ولا أبلغ بها أرش أصبع ، ولو كان الذي له خمس أصابع هو القاطع فله القود من أصبعه وزيادة حكومة وإن كان للقاطع مثلها أقيد بها ولا حكومة ، فإن كان للقاطع طرفان وللمقطوع واحد فلا قود ; لأنها أكثر . قطع له أنملة لها طرفان
( قال ) ولو فإن جاء الأول قبل اقتص له ثم الوسطى ، وإن جاء صاحب الوسطى قيل : لا قصاص لك إلا بعد الطرف ولك الدية . قطع أنملة طرف ومن آخر الوسطى من أصبع واحد
( قال ) ولا أقيد بيمنى يسرى ولا بيسرى يمنى .
( قال ) ولو فله ذلك ; لأنه وجب له بإبانته وكذلك الجاني لا يقطع ثانية إذا أقيد منه مرة إلا بأن يقطع لأنها ميتة . قلع سنه أو قطع أذنه ثم إن المقطوع ذلك منه ألصقه بدمه وسأل القود
( قال ) والذي لا يأتي النساء كان الذكر ينتشر أو لا ينتشر ما لم يكن به شلل يمنعه من أن ينقبض أو ينبسط وبأنثيي الخصي ; لأن كل ذلك طرف وإن قدر على أن يقاد من إحدى أنثيي رجل بلا ذهاب الأخرى أقيد منه وإن قطعهما ففيهما القصاص أو الدية تامة ، فإن قال الجاني جنيت عليه وهو موجوء ، وقال المجني عليه : بل صحيح فالقول قول المجني عليه مع يمينه ; لأن هذا يغيب عن أبصار الناس ولا يجوز كشفه لهم . ويقاد بذكر رجل شيخ وخصي وصبي
( قال ) ما لم يسقط أنفه أو شيء منه وأذن الصحيح بأذن الأصم وإن ويقاد أنف الصحيح بأنف الأخرم قلع سنه فإن كان المقلوع سنه لم يثغر فلا قود حتى يثغر فيتتام طرحه أسنانه ونباتها ، فإن لم ينبت سنه وقال أهل العلم به : لا ينبت ; أقدناه ولو قلع له سنا زائدة ففيها حكومة إلا أن يكون للقالع مثلها فيقاد منه ومن قلع سن من قد أثغر عزر ولا شيء عليه ، ولو اقتص حقه بغير سلطان فلا عقل ولا قصاص فإذا برئ اقتص من يمينه وإن قال : لم أسمع أو رأيت أن القصاص بها يسقط عن يميني لزم المقتص دية اليد ، ولو كان ذلك في سرقة لم يقطع يمينه ولا يشبه الحد حقوق العباد ، ولو قال المقتص : أخرج يمينك فأخرج يساره فقطعها ، وقال : عمدت وأنا عالم فالقول قول الولي . قال الجاني : مات من قطع اليدين والرجلين وقال الولي : مات من غيرهما
( قال ) ويحضر الإمام القصاص عدلين عاقلين حتى لا يقاد إلا بحديدة حادة مسقاة ويتفقد حديده لئلا يسم فيقتل فيقطع من حيث قطع بأيسر ما يكون به القطع ويرزق من يقيم الحدود ويأخذ القصاص من سهم النبي صلى الله عليه وسلم من الخمس كما يرزق الحكام فإن لم يفعل فعلى المقتص منه الأجر كما عليه أجر الكيال والوزان فيما يلزمه .