الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب موضع اليمين .

( قال الشافعي ) رحمه الله من ادعى مالا فأقام عليه شاهدا أو ادعى عليه مالا أو جناية خطأ بأن بلغ ذلك عشرين دينارا أو ادعى عبد عتقا تبلغ قيمته عشرين دينارا أو ادعى جراحة عمد صغرت أو كبرت أو في طلاق أو لعان أو حد أو رد يمين في ذلك فإن كان الحكم بمكة كانت اليمين بين المقام والبيت وإن كان بالمدينة كانت على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وإن كانت ببلد غير مكة والمدينة أحلف بعد العصر في مسجد ذلك البلد بما تؤكد به الأيمان ويتلى عليه { إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا } الآية ، قال : وهذا قول حكام المكيين ومفتيهم ومن حجتهم فيه أن عبد الرحمن بن عوف رأى قوما يحلفون بين المقام والبيت فقال : أعلى دم ؟ قالوا : لا ، قال : أفعلى أمر عظيم ؟ قالوا : لا ، قال : لقد خشيت أن يتهاون الناس بهذا المقام قال : فذهبوا إلى أن العظيم من الأموال ما وصفت من عشرين دينارا فصاعدا قال ابن أبي مليكة : كتب إلي ابن عباس في جاريتين ضربت إحداهما الأخرى أن أحبسهما بعد العصر ثم أقرأ عليهما { إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا } ففعلت فاعترفت قال : واستدللت بقول الله جل ثناؤه { تحبسونهما من بعد الصلاة } قال المفسرون : صلاة العصر على تأكيد اليمين على الحالف في الوقت الذي تعظم فيه اليمين وبكتاب أبي بكر الصديق رضي الله عنه يحلف عند المنبر منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وما بلغني أن عمر حلف على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في خصومة بينه وبين رجل وأن عثمان ردت عليه اليمين على المنبر فاتقاها ، وقال : أخاف أن توافق قدر بلاء ، فيقال بيمينه قال وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأهل العلم ببلدنا دار السنة والهجرة ، وحرم الله عز وجل وحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم اقتدينا والمسلمون البالغون رجالهم ونساؤهم وأحرارهم وعبيدهم ومماليكهم يحلفون كما وصفنا .

ويحلف المشركون أهل الذمة والمستأمنون كل واحد منهم بما يعظم من الكتب وحيث يعظم من المواضع مما يعرفه المسلمون وما يعظم الحالف منهم مثل قوله : والله الذي أنزل التوراة على موسى ، والله الذي أنزل الإنجيل على عيسى ، وما أشبه هذا ولا يحلفون بما يجهل معرفته المسلمون ويحلف الرجل في حق نفسه وفيما عليه بعينه على البت مثل أن يدعي عليه براءة من حق له فيحلف بالله إن هذا الحق ويسميه لثابت عليه ما اقتضاه ولا شيئا منه ولا مقتضى بأمر يعلمه ولا أحال به ولا بشيء منه ولا أبرأه منه ولا من شيء منه بوجه من الوجوه وإنه لثابت عليه إلى أن حلف بهذا اليمين وإن كان حقا لأبيه حلف في نفسه على البت وفي أبيه على العلم وإن أحلف قال : والله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الذي يعلم من السر ما يعلم من العلانية ، ثم ينسق اليمين ولا يقبل منه اليمين إلا بعد أن يستحلفه الحاكم واحتج بأن { ركانة قال للنبي صلى الله عليه وسلم : إني طلقت امرأتي ألبتة والله ما أردت إلا واحدة ، فقال النبي عليه السلام والله ما أردت إلا واحدة ؟ فردها إليه } وهذا تجويزا لليمين في الطلاق والرجعة في طلاق البتة .

التالي السابق


الخدمات العلمية