الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب الضحايا

حدثنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم ابن علية عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك { أن رسول الله ضحى بكبشين أملحين } .

قال وروى مالك عن يحيى بن سعيد عن عباد بن تميم { أن عويمر بن أشقر ذبح أضحية قبل أن يغدو يوم الأضحى وأنه ذكر ذلك لرسول الله فأمره أن يعود بضحية أخرى } قال وروى مالك عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار { أن أبا بردة بن نيار ذبح قبل أن يذبح النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأضحى فزعم أن رسول الله أمره أن يعود بضحية أخرى ، قال أبو بردة لا أجد إلا جذعا ، فقال النبي وإن لم تجد إلا جذعا فاذبحه } .

( قال الشافعي ) فاحتمل أن يكون إنما أمره أن يعود بضحية أخرى لأن الضحية واجبة واحتمل أن يكون إنما أمره أن يعود إن أراد أن يضحي لأن الضحية قبل الوقت ليست بضحية تجزيه فيكون في عداد من ضحى ، قال ووجدنا الدلالة عن رسول الله أن الضحية ليست بواجبة لا يحل تركها وهي سنة يجب لزومها ويكره تركها لا على إيجابها فإن قيل فأين السنة التي دلت على أنها ليست بواجبة ؟ قيل أخبرنا سفيان بن عيينة عن عبد الرحمن بن حميد عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { إذا دخل العشر فإن أراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره ولا بشره شيئا قال الشافعي وفي هذا الحديث دلالة على أن الضحية ليست بواجبة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن أراد أن يضحي ولو كانت الضحية واجبة أشبه أن يقول فلا يمس من شعره حتى يضحي ونأمر من أراد أن يضحي أن لا يمس من شعره شيئا حتى يضحي اتباعا واختيارا } فإن قال قائل ما دل على أنه اختيار لا واجب ؟ قيل له روى مالك بن أنس عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة { عن عائشة قالت : أنا فتلت قلائد هدي رسول الله بيدي ثم قلدها رسول الله بيده ثم بعث بها مع أبي فلم يحرم على رسول الله شيء أحله الله له حتى نحر الهدي } ( قال الشافعي ) في هذا دلالة على ما وصفت من أن المرء لا يحرم بالبعثة بهديه يقول البعثة بالهدي أكبر من إرادة الضحية .

التالي السابق


الخدمات العلمية