باب في بكاء الحي على الميت
حدثنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا قال أخبرنا الشافعي عن مالك بن أنس عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن عمرة أنها سمعت وذكر لها أن عائشة يقول إن عبد الله بن عمر فقالت عائشة : أما إنه لم يكذب ولكنه أخطأ أو نسي إنما { الميت ليعذب ببكاء الحي } . مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على يهودية وهي يبكي عليها أهلها ، فقال : إنهم ليبكون وإنها لتعذب في قبرها
حدثنا الربيع قال أخبرنا قال أخبرنا الشافعي عبد المجيد عن قال أخبرني ابن جريج قال توفيت ابنة ابن أبي مليكة لعثمان بمكة فجئنا نشهدها وحضرها ابن عباس فقال : إني لجالس بينهما جلست إلى أحدهما ثم جاء الآخر فجلس إلي فقال وابن عمر ابن عمر : ألا تنهى عن البكاء فإن رسول الله قال : { لعمرو بن عثمان } فقال إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه ؟ قد كان ابن عباس يقول بعض ذلك ثم حدث عمر فقال : صدرت مع ابن عباس من عمر بن الخطاب مكة حتى إذا كنا بالبيداء إذا بركب تحت ظل شجرة قال : اذهب فانظر من هؤلاء الركب ؟ فذهبت فإذا قال ادعه فرجعت إلى صهيب فقلت : ارتحل فالحق بأمير المؤمنين فلما أصيب صهيب سمعت عمر يبكي ويقول : وا أخياه وا صاحباه فقال صهيبا يا عمر تبكي علي وقد قال رسول الله { صهيب } ؟ قال : فلما مات إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه ذكرت ذلك عمر فقالت : يرحم الله لعائشة لا والله ما حدث رسول الله أن الله يعذب المؤمن ببكاء أهله عليه ولكن [ ص: 649 ] رسول الله قال : { عمر الله يزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه } وقالت إن عائشة : حسبكم القرآن { ولا تزر وازرة وزر أخرى } قال عند ذلك والله أضحك وأبكى وقال ابن عباس فوالله ما قال ابن أبي مليكة من شيء . ابن عمر
( قال ) وما روت الشافعي عن رسول الله أشبه أن يكون محفوظا عنه صلى الله عليه وسلم بدلالة الكتاب ثم السنة . فإن قيل فأين دلالة الكتاب ؟ قيل في قوله - عز وجل - { عائشة ولا تزر وازرة وزر أخرى } { وأن ليس للإنسان إلا ما سعى } وقوله { : فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره } { ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } وقوله { : لتجزى كل نفس بما تسعى } ( قال ) رحمه الله تعالى : الشافعي وعمرة أحفظ عن من عائشة وحديثها أشبه الحديثين أن يكون محفوظا فإن كان الحديث على غير ما روى ابن أبي مليكة من قول النبي { ابن أبي مليكة } فهو واضح لا يحتاج إلى تفسير لأنها تعذب بالكفر وهؤلاء يبكون ولا يدرون ما هي فيه وإن كان الحديث كما رواه : إنهم ليبكون عليها وإنها لتعذب في قبرها فهو صحيح لأن على الكافر عذابا أعلى فإن عذب بدونه فزيد في عذابه فيما استوجب وما نيل من كافر من عذاب أدنى من أعلى منه وما زيد عليه من العذاب فباستيجابه لا بذنب غيره في بكائه عليه فإن قيل يزيده عذابا ببكاء أهله عليه ، قيل يزيده بما استوجب بعمله ويكون بكاؤه سببا لا أنه يعذب ببكائهم . فإن قيل أين دلالة السنة ؟ قيل : { ابن أبي مليكة } فأعلم رسول الله مثل ما أعلم الله من أن جناية كل امرئ عليه كما عمله له لا لغيره ولا عليه . قال رسول الله لرجل ابنك هذا ؟ قال : نعم قال أما إنه لا يجني عليك ولا تجني عليه