المطلب الرابع: العلم بالعوض 
اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في اشتراط العلم في العوض في الهبة،  على قولين: 
القول الأول: أنه لا يشترط. 
وهو مذهب المالكية،  ورواية عن الإمام  أحمد.  
القول الثاني: أنه يشترط. 
وهو مذهب الحنفية،  والشافعية،  والحنابلة.  
وعند الحنفية:  أن الهبة لا تبطل بالشروط الفاسدة.  
الأدلة: 
أدلة القول الأول: 
1 - قوله تعالى: لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة   . 
 [ ص: 404 ] وجه الدلالة: أن عقد النكاح صح بدون تسمية المهر، فكذا الهبة. 
(187 ) 2 - ما رواه الإمام  أحمد  من طريق  عمرو بن دينار،  عن  طاووس،  عن  ابن عباس  رضي الله عنه  "أن أعرابيا وهب للنبي صلى الله عليه وسلم هبة، فأثابه عليها، قال: رضيت؟ قال: لا، قال: فزاده، قال: رضيت؟، قال: لا، قال: فزاده، قال: رضيت؟ قال: نعم، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد هممت أن لا أتهب هبة إلا من قرشي أو أنصاري أو ثقفي". 
3 - ما ورد عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم أن الواهب أحق بهبته ما لم يرض منها. 
وظاهره شمول الإثابة القليل أو الكثيرة. 
دليل القول الثاني: 
أنه عوض مجهول في معاوضة، فلم يصح كالبيع. 
ونوقش: بالفرق بين عقد الهبة وعقد البيع; إذ عقد الهبة من عقود  [ ص: 405 ] التبرعات، وعقود التبرعات يتسامح فيها ما لا يتسامح في عقود المعاوضات، ولهذا صحت هبة المجهول والمعدوم، وغير المقدور عليه، كما تقدم. 
الراجح: 
الراجح - والله أعلم - القول الأول; إذ عقود التبرعات يتسامح فيها ما لا يتسامح في عقود المعاوضات، ولأن الأصل الصحة، والهبة عقد خير يحث عليه ويكثر منه، وفي الشرح الكبير: "إذا كان العوض مجهول حكمه حكم البيع الفاسد يردها بزيادتها، وإن كانت تالفة رد قيمتها". 
				
						
						
