المسألة الثانية: إذا ولد له ولد بعد القسمة
، أو يقال: بالفرق بين حدوث الولد في حياة الأب، أو بعد موته؟. إذا قسم من يجب عليه العدل بين أولاده في عطيته ماله في حياته، ثم حدث له ولد، فهل تجب التسوية وإعطاء هذا الوالد الذي حدث
وفيها أمران:
الأمر الأول: أن يولد قبل موت الأب:
اختلف القائلون بوجوب التسوية في حكم ذلك على قولين:
القول الأول: أنه يجب عليه التسوية.
ذهب إليه الحنابلة في القول الثاني، وهو قول ابن حزم.
وحجته: حديث رضي الله عنهما، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم: النعمان بن بشير وهذا عام. "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم"،
[ ص: 502 ] القول الثاني: أنه يستحب للأب التسوية.
ذهب إليه الحنابلة في قول، قالوا: فيرجع في الجميع، أو يرجع في بعض ما أعطى منهم ليدفعه إلى هذا الولد الحادث، ليساوي إخوته.
ولم يذكروا دليلهم على الاستحباب، ولعله كون الأحاديث في وجوب التسوية إنما هي في الأحياء.
ونوقش هذا الاستدلال: بأن لفظ الأولاد في قوله: يشمل الأحياء والموجودين. "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم"
والأقرب: هو القول الأول; لعموم العدل بين الأولاد.
الأمر الثاني: أن يولد بعد موت الأب:
أما إذا كان هذا الولد الحادث بعد موت الأب، فقد ذهب أكثر الحنابلة إلى أنه ليس له رجوع على إخوته.
وحجته: بأن العطية لزمت بموت أبيه.
القول الثاني: أن له الرجوع على إخوته.
ذهب إليه وحكاه ابن حزم، قولا ابن قدامة للحنابلة على رواية عدم [ ص: 503 ] لزوم العطية للأبناء بموت الأب، وهو اختيار ابن بطة، وأبي حفص - العكبريين - ، وقول عروة بن الزبير، وإسحاق، واختيار ابن تيمية.
والحجة لهذا القول:
عموم حديث ثم الأثر عن النعمان، أبي بكر في وعمر ابن سعد بن عبادة رضي الله عنهم.
الترجيح:
والذي يترجح - والله أعلم - أنه إن كان الأب ميتا وجب على الأبناء الرد بقدر نصيب الابن الحادث، وذلك أخذا من الأثر عن أبي بكر في قصة وعمر ابن سعد، واغتمامهما للأمر حتى فرج عنهما قيس بمنحه نصيبه، والله أعلم.
[ ص: 504 ]