: هذا قول اليهود، قالوا: ليس علينا في ظلم العرب سبيل; لمخالفتهم إيانا، وادعوا أن ذلك في كتابهم، فأكذبهم الله تعالى. (ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل)
وتقدم القول في معنى (الأمي) .
و (الهاء) في (بعهده) من قوله: (بلى من أوفى بعهده) تعود على اسم الله عز وجل.
وقيل: على (من) من قوله: (من أوفى) .
[ ص: 76 ] : (بلى) ههنا وقف التمام، لأنهم قالوا: ليس علينا في الأميين سبيل، فقال الله: (بلى) ; أي: بلى عليكم فيهم سبيل، وإذا جاءت (بلى) على هذا الوجه من النفي; كانت مكتفية، وإذا جعلت بمعنى الإضراب عن الأول، والاعتماد على ثبات الثاني; لم تكن مكتفية. الزجاج
(إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا) الآية.
روي: أنها نزلت في أبي رافع، وكنانة بن أبي الحقيق، وكعب بن الأشرف ، وحيي بن أخطب; كتبوا كتابا بما ادعوه من أنهم ليس عليهم في الأميين سبيل، وحلفوا أنه من عند الله، عن عكرمة . والحسن
: نزلت في ابن جريج أوجب عليه النبي عليه الصلاة والسلام يمينا في أرض ادعيت عليه، فقام يحلف، فنزلت الآية، فنكل وسلم الأرض إلى خصمه، وزاده عليها من أرضه. الأشعث بن قيس،
: هو الرجل يقول: أعطيت بسلعتي كذا وكذا، ويحلف كاذبا. مجاهد
[ ص: 77 ] (وإن منهم لفريقا) يعني: من أهل الكتاب.
ومعنى (يلوون ألسنتهم بالكتاب) : يحرفونه ويبدلونه، عن ، مجاهد ، وغيرهما، وأصل (اللي) : الفتل. وقتادة
(ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة) : (البشر) : يقع للواحد والجميع; لأنه بمنزلة المصدر.
(ولكن كونوا ربانيين) : [أي: ولكن يقول لهم: كونوا ربانيين].
قال : أي: علماء فقهاء، الحسن : حكماء أتقياء. ابن جبير
: كونوا مدبري أمر الناس. ابن زيد
: الربانيون: فوق الأحبار. مجاهد
: كونوا معلمي الناس، والرباني: منسوب إلى علم الرب، والألف والنون فيه للمبالغة، كما يقال للعظيم اللحية: (لحياني) . الزجاج
وقيل: أصله: (ربان) ، من قولهم: ربه يربه فهو ربان; إذا دبره وأصلحه، فمعناه على هذا: يدبرون أمور الناس ويصلحونها) ، ويكون على هذا من باب: (أحمر وأحمري) ، و (أعجم وأعجمي) ، و (أشقر وأشقري) .
[ ص: 78 ] (بما كنتم تعلمون الكتاب) أي: بعلمكم الكتاب، أو بتعليمكم الكتاب، فيمن شدد.
وقيل: الباء بمعنى: (في) ; أي: كونوا ربانيين في علمكم ودراستكم.
أن اليهود قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: أتريد يا (ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا) يروى: أن سبب نزول هذه الآية: محمد أن نعبدك كما عبدت النصارى عيسى ابن مريم؟ فقال: " معاذ الله أن أعبد غير الله، أو آمر بعبادته".
(وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة) الآية.
قال : أخذ ميثاقهم على قومهم. ابن عباس
: أخذ ميثاق النبيين أجمعين أن يؤمنوا السدي بمحمد صلى الله عليه وسلم وينصروه إن أدركوه، وأمروا أن يأخذوا بذلك الميثاق على أممهم.
: أخذ الله ميثاق الأول من الأنبياء أن يؤمن بما جاء به الآخر. السدي
وقوله (لما آتيتكم من كتاب وحكمة) : (اللام) - فيمن فتح -: لام [ ص: 79 ] الابتداء ، ولام (لتؤمنن به) : لام القسم.
وقيل: (اللام) في (لما) خلف من القسم، تجاب بجوابه; نحو: (لمن أتاني لأكرمنه) .
و (ما) في (لما) : [يجوز أن تكون بمعنى: (الذي) ]، ويجوز أن تكون شرطا على معنى: لئن آتيتكم أو مهما آتيتكم.
و (من) في قوله: (من كتاب وحكمة) لبيان الجنس.
وخبر الابتداء إذا كانت (ما) بمعنى (الذي) عند الخليل قوله: (من كتاب وحكمة) ، وعند غيرهما: (لتؤمنن به) ، وذلك مبسوط في وجوه القراءات فيما بعد. وسيبويه
[ ص: 80 ] (فمن تولى بعد ذلك) أي: بعد أخذ الميثاق.