التفسير: 
ولا تهنوا في ابتغاء القوم   أي: لا تضعفوا عن طلبهم. 
فإنهم يألمون   : من الجراح كما تألمون   . 
وترجون   : من ثواب الله ونصره ما لا يرجون  ، وقيل : معناه : وتخافون من الله ما لا يخافون; كما قال: ما لكم لا ترجون لله وقارا   . 
إنا أنـزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله   : قال  مجاهد  ، وغيره: نزلت في طعمة بن أبيرق  ، وكانت عنده درع وديعة، فجحدها، فخوصم عند النبي صلى الله عليه وسلم، قال  الحسن  ،  وابن زيد   : سرقها، وقيل: إنه طرحها في دار يهودي آخر; ليتهم بها، وكان اسم ذلك اليهودي الذي طرحها في داره فيما روي: زيد بن السمين  ، وقيل : كان مسلما يقال له: لبيد بن سهل،  وهو معنى قول الله  [ ص: 343 ] تعالى: ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا   ; فهذه الآي إلى قوله: وساءت مصيرا  في قصة طعمة.  
ولا تكن للخائنين خصيما   : (خصيم) : اسم الفاعل; كقولك : (جالسته فأنا جليسه) ، ولا يكون (فعيلا) بمعنى (مفعول) ، يدل على ذلك قوله تعالى: ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم  فـ (الخصيم) : هو المجادل. 
وقوله : (واستغفر الله) قيل: أمر الله ـ تعالى ـ نبيه عليه الصلاة والسلام 
بالاستغفار، لما هم بالدفع عن طعمة،  وقيل: على جهة التسبيح، لا من ذنب. 
ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم  أي: لا تحاج عن الذين يخونون أنفسهم. 
وقوله : إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما   : (خوان) : أبلغ من (خائن) ; لأنه من أبنية المبالغة. 
وقوله : يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله  يعني: طعمة،   [ ص: 344 ] وقيل : الذين جاؤوا يجادلون عنه. 
ها أنتم هؤلاء   : القول فيه كالقول المتقدم في (آل عمران) [119]. 
إذ يبيتون ما لا يرضى من القول   : (القول) بمعنى: المقول; لأن نفس القول لا يبيت، ويحتمل أن يكون (القول) بمعنى الرأي والاعتقاد; كقولك: (مذهب  مالك   والشافعي)   . 
فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة   : لفظه استفهام، ومعناه: الإنكار. 
أم من يكون عليهم وكيلا   : (الوكيل) : القائم بتدبير الأمر، فالله قائم بتدبير خلقه. 
ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه  ، أي: من يظلم غيره، أو يظلم نفسه. 
ومعنى يجد الله غفورا رحيما   : يعلمه كذلك. 
فإنما يكسبه على نفسه  أي: عاقبته عائدة عليه. 
ومن يكسب خطيئة أو إثما   : (الخطيئة) : ما لم يتعمد، و (الإثم) : ما تعمد، وقيل : (الخطيئة) : الصغيرة، و (الإثم) : الكبيرة. 
ثم يرم به بريئا   : (الهاء) في (به) للإثم، أو للخطيئة; لأن معناها: الإثم، أو لهما جميعا. 
 [ ص: 345 ] و (البهتان) : الذي يواجه به صاحبه، ويكابر عليه. 
وقوله: لهمت طائفة منهم أن يضلوك  يعني: الذين شهدوا عند النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ببراءة طعمة،  ثم أعلم أنهم كانوا يضلون أنفسهم، ولا يضرونه من شيء. 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					