[ ص: 369 ] القول في قوله تعالى : لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم إلى آخر السورة [الآيات: 147- 175].
لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا قديرا إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رحيما يسألك أهل الكتاب أن تنـزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم ثم اتخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات فعفونا عن ذلك وآتينا موسى سلطانا مبينا ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم وقلنا لهم ادخلوا الباب سجدا وقلنا لهم لا تعدوا في السبت وأخذنا منهم ميثاقا غليظا فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا .فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل وأعتدنا للكافرين منهم عذابا أليما لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنـزل إليك وما أنـزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر أولئك سنؤتيهم أجرا عظيما إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما لكن الله يشهد بما أنـزل إليك أنـزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله قد ضلوا ضلالا بعيدا إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا وكان ذلك على الله يسيرا يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيرا لكم وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة .انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله وأما الذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذابا أليما ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنـزلنا إليكم نورا مبينا فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطا مستقيما يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شيء عليم .
[ ص: 370 ] [ ص: 371 ] الأحكام:
قوله : يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة الآية.
هذه الآية نزلت في عاده النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في مرضه; فقال: يا رسول الله ؟ كيف أقضي في مالي؟ وكان له تسع أخوات، ولم يكن له ولد ولا والد. جابر بن عبد الله،
قال ، أنس بن مالك هي والبراء بن عازب: قال آخر آية نزلت من القرآن، : نزلت جابر بن عبد الله بالمدينة، وقيل: نزلت في سفر كان فيه النبي صلى الله عليه وسلم.
ولا خلاف بين العلماء أن وإذا كان مع الإخوة للأب والأم ذو فرض مسمى; أعطي فرضه، وكان ما فضل لهم، [ ص: 372 ] للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن لم يفضل شيء; فلا شيء لهم، ولا يرث معهم الإخوة للأب شيئا، ويقوم الإخوة للأب مقام الإخوة للأب والأم مع عدمهم. الأخ للأب والأم يحوز الميراث إذا انفرد،
وإذا استكمل الأخوات للأب والأم الثلثين; لم يكن للأخوات للأب شيء إلا أن يكون معهن ذكر; فيكون الثلث الباقي للإخوة للأب، للذكر مثل حظ الأنثيين، في قول سائر العلماء، سوى فإنه جعل ما فضل لذكور الإخوة للأب دون إناثهم. ابن مسعود;
وما فضل عن الأخت الواحدة للأب والأم بين الإخوة للأب، للذكر مثل حظ الأنثيين، وقال : إن كان نصيب الأخوات للأب في المقاسمة أكثر من السدس تكملة الثلثين; لم يزدن على السدس شيئا. ابن مسعود
وإذا اجتمع في الفريضة إخوة لأم، وإخوة لأب وأم، مع ورثة ذوي فرائض مسماة; بدئ بالإخوة للأم، فأعطوا فرضهم، وكان ما بقي للإخوة للأب [ ص: 373 ] والأم، فإن لم يبق لهم شيء; اختلف العلماء في ذلك; فمنهم من أشرك بينهم وبين الإخوة للأم، وهو مذهب مالك وغيرهما، وهو قول والشافعي ومنهم من لم يجعل للإخوة للأب والأم شيئا، روي ذلك عن زيد بن ثابت، رضي الله عنه ، علي بن أبي طالب وغيرهما. وأبي موسى الأشعري،