[ ص: 432 ] القول في قوله تعالى: يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل إلى قوله: نكالا من الله والله عزيز حكيم [الآيات: 19 -38].
يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شيء قدير وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوءة .أخيه قال يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوءة أخي فأصبح من النادمين من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم .
[ ص: 433 ] [الأحكام والنسخ]:
قوله تعالى: إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا الآية.
قال ، الحسن ، وقتادة : نزلت في أهل الشرك. والزهري
وقال مالك، والشافعي، وأكثر العلماء: هي فيمن خرج وأبو حنيفة،
محاربا من المسلمين.
[ ص: 434 ] وقال قوم: هي ناسخة لما فعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالعرنيين; من التمثيل بهم، وسمل أعينهم، وتركهم حتى ماتوا، عن وغيره، وعن ابن سيرين أيضا أنه قال: الآية محكمة، وإنما كان سمل أعينهم قصاصا; لأنهم سملوا أعين الرعاء. ابن سيرين
وقيل: نزلت في قوم من أهل الكتاب نقضوا العهد.
قال ، ابن عباس والنخعي، وغيرهما من القائلين: بأن الآية في قتل، المحاربين من المسلمين: من قتل ولم يأخذ المال; [وصلب، فإن قتل وأخذ المال; قطعت يده ورجله من خلاف، ، فإن لم يقتل، ولم يأخذ المال; نفي. وإن أخاف السبيل، وأخذ المال، ولم يقتل; قطعت يده ورجله من خلاف]
إن قتل، وأخذ المال; قتل وصلب، وإن لم يأخذ المال) ; قتل، ودفع إلى أهله ليدفنوه، ومن أخذ المال، ولم يقتل; قطع من خلاف، ومن أخاف السبيل، ولم يقتل، ولم يأخذ المال; عزر، وحبس. (الشافعي:
وأصحابه : إذا قتل، وأخذ المال; قطع من خلاف، ويقتل، [ ص: 435 ] ويصلب، وإن أخذ المال، ولم يقتل; قطع من خلاف، وإن قتل، ولم يأخذ المال; قتل فقط، وإن أخذ المال، ولم يقتل، قطعت يده ورجله من خلاف . أبو حنيفة،
ومذهب : أن الإمام مخير فيه ، في الأحكام التي ذكرها الله ـ تعالى ـ في كل حال، وهو قول مالك ، ابن عباس والحسن، وغيرهم; فأما النفي; فروي عن ومجاهد، أبي الزناد أنه قال: كان النفي إلى باضع من أرض الحبشة ودهلك ، وتلك الناحية من أقصى تهامة واليمن.
: يخرج من أرضه إلى غيرها. ابن عباس
: ينفيه الإمام من عمله. الشعبي
ينفيه من بلد إلى بلد، ويحبس، ولا ينفى إلى بلد الكفر. مالك:
، الحسن ينفى حتى لا يقدر عليه. والزهري:
[ ص: 436 ] وليس لولي الدم أن يعفو عن المحارب دون السلطان في قول سائر العلماء.
فأما قاطع السبيل في الأمصار والقرى; فقد اختلف فيه قول ، فألزمه مرة حكم المحارب، ولم يلزمه إياه أخرى، وقال مالك الشافعي، حكمه حكم المحارب في الصحارى والطرق، وقال وأبو ثور: الثوري، ، وأبو حنيفة وإسحاق: لا تكون المحاربة في المصر.