الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الإعراب:

                                                                                                                                                                                                                                      وأجل مسمى عنده : ابتداء و خبر.

                                                                                                                                                                                                                                      وهو الله في السماوات : (هو): ضمير اسم من أسماء الله تعالى، [وهو مرفوع بالابتداء]، واسم الله خبره، وموضع (في السماوات): نصب على الحال من (السر والجهر)، والعامل فيه محذوف، كما يكون محذوفا إذا قدرت قولك:

                                                                                                                                                                                                                                      (في الدار)، من قولك: (زيد في الدار) حالا، قاله أبو علي، قال: ولا يجوز أن يتعلق بـ(السر) نفسه; لأنه يصير من صلته، فلا يجوز تقديمه عليه، قال: ولا يكون (هو) ضمير القصة والشأن; كقوله: فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا [الأنبياء: 97]; لأنك حينئذ تفصل بين المبتدأ الذي هو اسم الله، وبين خبره الذي هو (يعلم سركم); بشيء ليس يتعلق بالمبتدأ ولا بالخبر، وإنما هو متعلق [ ص: 561 ] بمفعول الخبر، فيكون فصلا بأجنبي، وقوله: (في السماوات وفي الأرض)، وإن كان ظرفا، والفصل بين المبتدأ وخبره بما يتعلق بالخبر إذا كان ظرفا جائز; فإنه في تقدير الحال، فكما لا يجوز ذلك في الحال; كذلك لا يجوز في الظرف المقام مقامها، وتقدم تقدير الآية ومواقفها.

                                                                                                                                                                                                                                      ألم يروا كم أهلكنا : العامل في: (كم): (أهلكنا) ولا يعمل فيها (يروا); لأنها استفهام.

                                                                                                                                                                                                                                      ولقد استهزئ : اللام لام القسم.

                                                                                                                                                                                                                                      فحاق بالذين سخروا منهم : الفاء: عاطفة فعلا ماضيا على فعل ماض، وفيه معنى الجزاء; لأن الثاني جزاء على الأول، و (ما): يجوز أن تكون بمعنى (الذي)، ويجوز أن تكون بمعنى المصدر، ويقدر حذف المضاف; أي: حاق بهم عاقبة استهزائهم.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 562 ] ليجمعنكم إلى يوم القيامة : موضع (ليجمعنكم) يجوز أن يكون نصبا على البدل من (الرحمة)، وهو جواب (كتب); ومعناه: أوجب، ومعنى البدل: أن اللام بمعنى: (أن); والمعنى: كتب ربكم على نفسه أن يجمعكم، وكذلك قال كثير من النحويين في قوله: ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه [يوسف: 35]: إن المعنى: أن يسجنوه، و (أن): هي الفاعلة.

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز ألا يكون لقوله: (ليجمعنكم) موضع من الإعراب، ويكون على تقدير استئناف القسم; والتقدير: والله ليجمعنكم، والوقف على (الرحمة) - على هذا- تام.

                                                                                                                                                                                                                                      الذين خسروا أنفسهم : يجوز أن يكون موضع (الذين) رفعا بالابتداء، والخبر: فهم لا يؤمنون .

                                                                                                                                                                                                                                      الأخفش: يجوز أن يكون موضعه نصبا على البدل من الكاف والميم [ ص: 563 ] في (ليجمعنكم)، وأنكره المبرد، وقال: لا يجوز أن يكون البدل من المخاطب، ولا من المخاطب; لأنه لا يشكل فيبين.

                                                                                                                                                                                                                                      القتبي: يجوز أن يكون جرا على البدل من (المكذبين) الذين تقدم ذكرهم، أو على النعت لهم.

                                                                                                                                                                                                                                      فاطر السماوات والأرض : نعت لاسم الله عز وجل، ويجوز رفعه على إضمار مبتدأ، ونصبه على المدح، ذكره الزجاج.

                                                                                                                                                                                                                                      أبو علي: يجوز نصبه على فعل مضمر; كأنه قال: أأترك فاطر السماوات والأرض؟ لأن قوله: أغير الله أتخذ وليا يدل على ترك الولاية له، وحسن إضماره; لقوة هذه الدلالة.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: (ولا يطعم); فمعناه: أنه غير محتاج إلى ما يحتاج إليه المخلوقون من الغذاء، ومعنى (لا يطعم): لا يرزق، كما تقدم.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 564 ] قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم : اعترض قوله: ( إن عصيت ربي) بين الفعل والمفعول; لأنه بمنزلة الاعتراض المؤكد للمعنى، فهو قائم بنفسه; ومثله: الاعتراف بالقسم.

                                                                                                                                                                                                                                      وموضع ( إن): يجوز أن يكون نصبا; لأنه في موضع الحال، والتقدير: قل: إني أخاف عاصيا ربي عذاب يوم عظيم، ويجوز ألا يكون لها موضع; إذ هو اعتراض بكلام تام، على ما تقدم.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: (من يصرف عنه يومئذ); فالفاعل مضمر يرجع إلى (ربي)، والضمير المنصوب العائد على (العذاب) محذوف; التقدير: من يصرف الله العذاب عنه يوم القيامة; فقد رحمه، ويقويها قوله: (فقد رحمه)، ومن قرأ: (يصرف); ففي الفعل ضمير مستكن مرفوع هو اسم ما لم يسم فاعله، وهو راجع إلى (العذاب); التقدير: من يصرف العذاب عنه، ويقوي ذلك قوله: ليس مصروفا عنهم [هود: 8].

                                                                                                                                                                                                                                      وبني (يومئذ)، لإضافته إلى مبني على غير جهة الإضافة الأصلية، فضارع الأسماء المركبة، واكتسى البناء من هذه الإضافة.

                                                                                                                                                                                                                                      وهو القاهر فوق عباده : يحتمل (فوق) أن يكون ظرفا والمعنى: أن قهره قد استعلى فوق عباده، ويحتمل أن يكون حالا فيه ذكر [ما في اسم الفاعل [ ص: 565 ] التقدير: وهو الذي قهر عاليا على عباده، ولا يجوز أن يكون فيه ذكر] من الألف واللام; لأنه لا عامل في الحال; إذ لا معنى) فعل في (هو)، ولا في الألف واللام.

                                                                                                                                                                                                                                      (وأوحى إلي هذا القرآن): هذه القراءة على تقدير: وأوحى الله إلي هذا القرآن، وإلى معناها ترجع قراءة الجماعة.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: (إنكم لتشهدون) على الخبر; فعلى أنه حقق عليهم شركهم، والاستفهام على معنى التقرير والتوبيخ.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية