وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر ; أي: واذكر إذ قال إبراهيم، قال الحسن، والسدي: (آزر): اسم أبي إبراهيم، وقيل: كان له اسمان: آزر، وتارح.
هي صفة ذم بلغتهم; كأنه قال: (يا مخطئ)، فيمن رفعه، أو كأنه قال: (وإذ قال الفراء: إبراهيم لأبيه المخطئ)، فيمن نصب.
[ ص: 609 ] وقيل: هو لقب مشتق من (آزر فلان فلانا); إذا عاونه، فهو مؤازر قومه على عبادة الأصنام.
هو اسم صنم; فالمعنى: أتتخذ آزر؟ أتتخذ أصناما آلهة؟ مجاهد:
وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض ; أي: مثل ما أريناك من الهدى أرينا إبراهيم ملكوت السماوات والأرض.
و(الملكوت): أعظم الملك، وزيدت الواو والتاء للمبالغة في الصفة.
وليكون من الموقنين ; أي: وليكون من الموقنين أريناه ذلك.
أقيم السدي: إبراهيم على صخرة، وفتحت له السماوات، فنظر فيهن إلى ملك الله عز وجل، وفتحت له الأرضون حتى نظر، إلى أسفل الأرض، ورأى في السماء مكانه في الجنة، فذلك قوله: وآتيناه أجره في الدنيا [العنكبوت: 27].
أراه من ملكوت السماوات ما قصه; من الكوكب، وما ذكر معه، ومن ملكوت الأرض: الجبال، والشجر، ونحو ذلك، وقال بنحوه الضحاك: وقال: جعل في سرب، وجعل رزقه في أطراف أصابعه، فكان يمصها. ابن عباس،
[ ص: 610 ] فلما جن عليه الليل ; أي: ستره بظلمته; رأى كوكبا : يروى: أن ذلك كان ليلة أربع عشرة من الشهر، فرأى الكوكب أول دخول الليل، ثم القمر بعده، ثم رأى الشمس بعد أن قارب القمر الأفول، فقوله في القمر: فلما أفل على هذا معناه: قارب الأفول.
وقوله: هذا ربي : قيل: قال ذلك في حال الطفولة قبل النبوة، وقيل: قاله على وجه إقامة الحجة على قومه; أي: لو كان إله يعبد غير الله; لكان الكوكب والشمس والقمر أولى بالعبادة من الأصنام.
وقيل: المعنى: هذا ربي في ظني; لأنه كان مستدلا.
وقيل: هو على معنى الاستفهام; والمعنى: أهذا ربي؟
وقيل: المعنى: يقولون: هذا ربي، فحذف القول، وكانوا يعبدون الأصنام، والشمس، والقمر.
وقيل: معناه: هذا ربي على زعمكم.
وقوله: فلما أفل ; أي: غاب; قال لا أحب الآفلين ; أي: لا أحب ربا ينتقل; إذ ليس ذلك من صفات الرب تعالى، وإنما هو من صفات المخلوقين.
[ ص: 611 ] فلما رأى القمر بازغا ; أي: طالعا، بزغ يبزغ بزوغا; إذا طلع، وأفل يأفل أفولا، وأفلا; إذا غاب.
فلما رأى الشمس بازغة : قيل: إن تأنيث (الشمس) لتفخيمها وعظمها، فهو كقولهم: (رجل نسابة وعلامة)، وقوله: (هذا ربي) في الشمس; على معنى: هذا الضوء، أو هذا الشخص، وحسن التذكير; ليكون الخبر والمخبر عنه عليه كما كانا على التأنيث في فلما رأى الشمس بازغة .
وقوله: هذا أكبر ; أي: أكبر من الكوكب والقمر، وفي الخبر: أن أم إبراهيم جعلته حين وضعته في سرب; إذ كان نمرود يقتل الولدان، لما خوفه منه الكهان، وجعلت على فم السرب صخرة; مخافة السباع، واختلفت إليه إلى أن عقل، فخرج من السرب، وكان من أمره ما قصه الله تعالى، ثم جاء قومه وهم عاكفون على أصنامهم، فقال: يا قوم إني بريء مما تشركون : إلى قوله وما أنا من المشركين .