الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الإعراب:

                                                                                                                                                                                                                                      تخفيف (تذكرون) على حذف إحدى التاءين، والتشديد على الإدغام.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن فتح (وأن هذا صراطي مستقيما); فعلى تقدير: ولأن هذا صراطي [ ص: 705 ] مستقيما فاتبعوه، وقيل: التقدير: واتل عليهم أن هذا صراطي، وقيل: التقدير: وصاكم بأن هذا صراطي، والقول في المخففة كالقول في الشديدة; لأنها مخففة منها، وفي (أن) ضمير القصة أو الحديث، ويجوز أن تكون (أن) زائدة، كما كانت في قوله: فلما أن جاء البشير [يوسف: 96]، فيكون) (هذا) في موضع رفع، وإذا كانت مخففة من الشديدة; جاز أن يكون (هذا) نصبا ورفعا، والكسر على الاستئناف، والفاء في (فاتبعوه) على قراءة الكسر عاطفة جملة على جملة، وهي في قراءة من فتح زائدة

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: (على الذي أحسن); فهو على ما تقدم في التفسير، وهو فعل ماض، ومن قرأ: (أحسن); فعلى تقدير: تماما على الذي هو أحسن، وفيه بعد; من أجل حذف المبتدأ العائد على (الذي)، وحكى سيبويه عن الخليل: [ ص: 706 ]

                                                                                                                                                                                                                                      أنه سمع: (ما أنا بالذي قائل لك شيئا).

                                                                                                                                                                                                                                      (فمن أظلم ممن كذب بآيات الله): دخول الباء في قراءة من خفف (كذب); للحمل على المعنى; لأن معنى (كذب بها)، و (كفر بها) سواء، ومن شدد; فالباء في موضعها.

                                                                                                                                                                                                                                      (يوم يأتي بعض آيات ربك): من قرأ برفع (يوم); فهو ابتداء، والخبر في الجملة، والعائد من الجملة محذوف; للعلم به، وطول الكلام والتقدير: لا ينفع فيه نفسا إيمانها، [والنصب على الظرف.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: (لا تنفع نفسا إيمانها); بتاء; أنث الإيمان; إذ هو من النفس وبها، وكثيرا ما يؤنثون فعل المضاف المذكر، إذا كانت إضافته إلى المؤنث، وكان المضاف بعض المضاف إليه، أو منه، أو به، وعليه قول ذي الرمة: [من الطويل] [ ص: 707 ]


                                                                                                                                                                                                                                      مشين كما اهتزت رماح تسفهت أعاليها مر الرياح النواسم



                                                                                                                                                                                                                                      فأنث (المر); لإضافته إلى (الرياح)، وهي مؤنثة; إذ كان (المر) من (الرياح).

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: (فرقوا دينهم): من قرأ: (فارقوا); فمعناه: خرجوا عن دينهم، ومن قرأ: (فرقوا); فمعناه: آمنوا ببعضه، وكفروا ببعضه، ومن قرأ: (فرقوا); بالتخفيف; فمعناه: مازوه من غيره من سائر الأديان، ويجوز أن يكون أصلها التشديد، فخففت.

                                                                                                                                                                                                                                      (لست منهم في شيء): قال الفراء: المعنى: لست من قتالهم في شيء، فحذف المضاف.

                                                                                                                                                                                                                                      أبو علي: يجوز أن يكون على معنى البراءة، فلا يحتاج إلى تقدير حذف مضاف، فهو كما قال: [من الوافر ] [ ص: 708 ]


                                                                                                                                                                                                                                      إذا حاولت في أسد فجورا     فإني لست منك ولست مني

                                                                                                                                                                                                                                      أي: أبرأ منك، فيكون موضع (في شيء) نصبا على الحال من الضمير الذي في الخبر.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فله عشر أمثالها : الإضافة على تقدير حذف المنعوت; والتقدير: فله عشر حسنات أمثال حسنته؟)، فالهاء والألف في (أمثالها) تعود على (الحسنات) المحذوفة، والانفصال مقدر في (أمثالها)، فإن لم يقدر الانفصال; فهو من باب حذف المبدل منه، وإقامة البدل مقامه.

                                                                                                                                                                                                                                      أبو علي: حسن التأنيث في (عشر أمثالها); لما كان (الأمثال) مضافا إلى مؤنث، والإضافة إلى المؤنث) إذا كان إياه في المعنى يحسن فيه ذلك; نحو:

                                                                                                                                                                                                                                      (تلتقطه بعض السيارة) [يوسف: 10]، و (ذهبت بعض أصابعه)، والحمل على التأنيث إذا كان اللفظ مذكرا قد يكون مثل: (ثلاث شخوص)، فـ (المثل): عبارة عن مؤنث; لأن (الأمثال) يراد بها: الدرجات، أو الحسنات، ومثل الشيء وإن كان غيره; فقد يكون في حكمه، ويسد مسده; كما تقول: (أنا أكرم مثلك)، وأنت تريد أنك تكرمه.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 709 ] ومن نون; فقوله: (أمثالها) من صفة (العشر)، والتقدير: فله حسنات عشر أمثال حسنته، فيحتمل أن يكون له من الجزاء عشرة أضعاف ما يجب له، ويحتمل أن يكون له مثل، ويضاعف المثل، فيصير عشرة.

                                                                                                                                                                                                                                      (دينا قيما): انتصب قوله: (دينا) على إضمار (هداني)، واستغنى بذكر ما قبله عنه، وقيل: هو منصوب بإضمار فعل; كأنه قال: اتبعوا دينا، أو اعرفوا دينا; لأن هدايتهم إليه تعريف لهم.

                                                                                                                                                                                                                                      و(قيما): مصدر; كـ (الشبع)، فوصف به، وأعل، ولم يصح كما صح (العوض)، وقد تقدم القول فيه في (النساء)، و (قيما) كقوله: (ذلك الدين القيم) [التوبة: 39]، ومعناه ظاهر.

                                                                                                                                                                                                                                      (ملة إبراهيم): بدل من قوله: (دينا).

                                                                                                                                                                                                                                      قل أغير الله أبغي ربا : (غير): نصب بـ (أبغي)، و (ربا): تمييز.

                                                                                                                                                                                                                                      ورفع بعضكم فوق بعض درجات : انتصاب (درجات) على تقدير حذف الجار; والمعنى: إلى درجات.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 710 ] هذه السورة مكية، وقد روي عن ابن عباس، وغيره: أن ثلاث آيات منها نزلت بالمدينة، من قوله تعالى: قل تعالوا أتل ، إلى قوله: تتقون ، ونزلت جميعها سواهن جملة بمكة.

                                                                                                                                                                                                                                      وروي عن الكلبي: أنها نزلت بمكة إلا آيتين منها نزلتا بالمدينة في اليهودي الذي قال: ما أنـزل الله على بشر من شيء [الأنعام: 91].

                                                                                                                                                                                                                                      وعددها في المدنيين والمكي: مئة آية، وسبع وستون آية، وفي البصري والشامي: ست، وفي الكوفي: خمس.

                                                                                                                                                                                                                                      اختلف منها في أربع آيات:

                                                                                                                                                                                                                                      وجعل الظلمات والنور : مدنيان ومكي.

                                                                                                                                                                                                                                      قل لست عليكم بوكيل : كوفي.

                                                                                                                                                                                                                                      كن فيكون : عدها الجماعة سوى الكوفي.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 711 ] إلى صراط مستقيم بعده: دينا قيما : كذلك أيضا.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية