سورة الممتحنة
مدنية، وآيها: ثلاث عشرة آية، وحروفها: ألف وخمس مئة وعشرة أحرف، وكلمها: ثلاث مئة وثمان وأربعون كلمة.
بسم الله الرحمن الرحيم
يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل .
[1] مكة عام الحديبية، فورى عن ذلك بخيبر، فشاع في الناس أنهم خارجون إلى خيبر، وأخبر هو جماعة من كبار الصحابة بقصده إلى مكة، منهم فكتب حاطب بن أبي بلتعة، إلى قوم من كفار مكة يخبرهم بقصد رسول الله، وحذرهم، وأرسل مع سارة مولاة بني المطلب، فجاء حاطب جبريل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم، فأخبره بذلك، فبعث عليا والزبير وعمارا وطلحة والمقداد وأبا مرثد، وقال: "انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ؛ فإن بها ظعينة معها كتاب إلى أهل حاطب مكة، فخذوا منها، وخلوها، فإن أبت، فاضربوا عنقها"، فأدركوها ثم، فجحدت، ففتشوا [ ص: 24 ] جميع رحلها فما وجدوا شيئا، فقال بعضهم: ما معها كتاب، فقال علي: ما كذب رسول الله - صلى الله عليه وسلم، والله لتخرجن الكتاب، وإلا لأجردنك ولأضربن عنقك، فأخرجته من ذؤابتها، قد خبأته في شعرها، فخلوها، ورجعوا بالكتاب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم، فاستحضر حاطبا، وقال: "ما حملك عليه؟ فقال: ما كفرت منذ أسلمت، ولا غششتك منذ نصحتك، ولكني كنت امرأ ملصقا في قريش، وليس فيهم من يحمي أهلي، فأردت أن آخذ عندهم يدا يرعوني بها في قرابتي، وقد علمت أن كتابي لا يغني عنهم شيئا، فقال -رضي الله عنه: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: صدق عمر بن الخطاب إنه من أهل بدر، وما يدريك يا حاطب لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم، لا تقولوا عمر، إلا خيرا". لحاطب لما أراد رسول الله الخروج إلى
وروي أن كتب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد غزوكم مثل الليل والسيل، وأقسم بالله، لو غزاكم هو وحده، لنصر عليكم، فكيف وهو في جمع كثير؟! فنزل في شأن حاطب: حاطبا
يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا مفعوله الأول عدوي ويعطف عليه وعدوكم والثاني أولياء والعدو: اسم يقع للجمع والمفرد، والمراد هنا: كفار قريش. [ ص: 25 ]
تلقون إليهم صفة لـ (أولياء) والباء زائدة في بالمودة أي: لا تظهروا مودتكم لهم وقد الواو للحال؛ أي: وحالهم أنهم.
كفروا بما جاءكم من الحق وهو القرآن.
يخرجون الرسول وإياكم من مكة أن تؤمنوا تعليل؛ أي: لإيمانكم بالله ربكم وقوله: إن كنتم خرجتم شرط جوابه متقدم في معنى ما قبله، تقديره: إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي فلا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء، و (جهادا) و (ابتغاء) مفعولان له، والمرضاة مصدر كالرضا. قرأ الكسائي: (مرضاتي) بالإمالة، والباقون: بالفتح.
تسرون إليهم بالمودة بالنصيحة فعل ابتدأ به القول؛ أي: تفعلون ذلك وأنا أعلم قرأ نافع، (وأنا أعلم) بالمد. وأبو جعفر:
بما أخفيتم من المودة للكفار وما أعلنتم أظهرتم.
ومن يفعله منكم أي: الإسرار.
فقد ضل أخطأ سواء السبيل طريق الهدى.