قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=18إنه فكر وقدر فقتل كيف قدر ثم قتل كيف قدر ثم نظر ثم عبس وبسر ثم أدبر واستكبر فقال إن هذا إلا سحر يؤثر إن هذا إلا قول البشر nindex.php?page=treesubj&link=29045قوله تعالى : إنه فكر وقدر يعني
الوليد فكر في شأن النبي - صلى الله عليه وسلم - والقرآن ، و " قدر " أي هيأ
[ ص: 70 ] الكلام في نفسه ، والعرب تقول : قدرت الشيء إذا هيأته ، وذلك أنه لما نزل :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=1حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=3إليه المصير سمعه
الوليد يقرؤها فقال : والله لقد سمعت منه كلاما ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن ، وإن له لحلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإن أعلاه لمثمر ، وإن أسفله لمغدق ، وإنه ليعلو ولا يعلى عليه ، وما يقول هذا بشر . فقالت
قريش : صبا الوليد لتصبون
قريش كلها . وكان يقال
للوليد ريحانة
قريش ; فقال
أبو جهل : أنا أكفيكموه . فمضى إليه حزينا ؟ فقال له : ما لي أراك حزينا . فقال له : وما لي لا أحزن وهذه
قريش يجمعون لك نفقة يعينونك بها على كبر سنك ويزعمون أنك زينت كلام
محمد ، وتدخل على
ابن أبي كبشة وابن أبي قحافة لتنال من فضل طعامهما ; فغضب
الوليد وتكبر ، وقال : أنا أحتاج إلى كسر
محمد وصاحبه ، فأنتم تعرفون قدر مالي ، واللات والعزى ما بي حاجة إلى ذلك ، وإنما أنتم تزعمون أن
محمدا مجنون ، فهل رأيتموه قط يخنق ؟ قالوا : لا والله ، قال : وتزعمون أنه شاعر ، فهل رأيتموه نطق بشعر قط ؟ قالوا : لا والله . قال : فتزعمون أنه كذاب فهل جربتم عليه كذبا قط ؟ قالوا : لا والله . قال : فتزعمون أنه كاهن فهل رأيتموه تكهن قط ، ولقد رأينا للكهنة أسجاعا وتخالجا فهل رأيتموه كذلك ؟ قالوا : لا والله . وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسمى الصادق الأمين من كثرة صدقه . فقالت
قريش للوليد : فما هو ؟ ففكر في نفسه ، ثم نظر ، ثم عبس ، فقال ما هو إلا ساحر ! أما رأيتموه يفرق بين الرجل وأهله وولده ومواليه ؟ فذلك قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=18إنه فكر أي في أمر
محمد والقرآن وقدر في نفسه ماذا يمكنه أن يقول فيهما .
فقتل أي لعن . وكان بعض أهل التأويل يقول : معناها فقهر وغلب ، وكل مذلل مقتل ; قال الشاعر :
امرؤ القيس :
وما ذرفت عيناك إلا لتقدحي بسهميك في أعشار قلب مقتل وقال
الزهري : عذب ; وهو من باب الدعاء كيف قدر قال ناس : ( كيف ) تعجيب ; كما يقال للرجل تتعجب من صنيعه : كيف فعلت هذا ؟ وذلك كقوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=48انظر كيف ضربوا لك الأمثال " .
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=20ثم قتل أي لعن لعنا بعد لعن . وقيل : فقتل بضرب من العقوبة ، ثم قتل بضرب آخر من العقوبة
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=20كيف قدر أي على أي حال قدر . ثم نظر بأي شيء يرد الحق ويدفعه .
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=22ثم عبس أي قطب بين عينيه في وجوه المؤمنين ; وذلك أنه لما حمل
قريشا على ما حملهم عليه من القول في
محمد - صلى الله عليه وسلم - بأنه ساحر ، مر على جماعة من المسلمين ، فدعوه إلى الإسلام ، فعبس في وجوههم . قيل : عبس وبسر على النبي - صلى الله عليه وسلم - حين دعاه . والعبس مخففا مصدر عبس يعبس عبسا وعبوسا : إذا قطب . والعبس ما يتعلق بأذناب الإبل من أبعارها وأبوالها ; قال
أبو النجم :
[ ص: 71 ] كأن في أذنابهن الشول من عبس الصيف قرون الأيل
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=22وبسر أي كلح وجهه وتغير لونه ; قاله
قتادة nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ; ومنه قول
بشر بن أبي خازم :
صبحنا تميما غداة الجفار بشهباء ملمومة باسره وقال آخر [
توبة بن حمير ] :
وقد رابني منها صدود رأيته وإعراضها عن حاجتي وبسورها وقيل : إن ظهور العبوس في الوجه بعد المحاورة ، وظهور البسور في الوجه قبل المحاورة . وقال قوم : ( بسر ) وقف لا يتقدم ولا يتأخر . قالوا : وكذلك يقول أهل اليمن إذا وقف المركب ، فلم يجئ ولم يذهب : قد بسر المركب ، وأبسر أي وقف وقد أبسرنا . والعرب تقول : وجه باسر بين البسور : إذا تغير واسود .
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=23ثم أدبر أي ولى وأعرض ذاهبا إلى أهله . واستكبر أي تعظم عن أن يؤمن . وقيل : أدبر عن الإيمان واستكبر حين دعي إليه .
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=24فقال إن هذا أي ما هذا الذي أتى به
محمد - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=24إلا سحر يؤثر أي يأثره عن غيره . والسحر : الخديعة . وقد تقدم بيانه في سورة ( البقرة ) . وقال قوم : السحر : إظهار الباطل في صورة الحق . والأثرة : مصدر قولك : أثرت الحديث آثره إذا ذكرته عن غيرك ; ومنه قيل : حديث مأثور : أي ينقله خلف عن سلف ; قال
امرؤ القيس :
ولو عن نثا غيره جاءني وجرح اللسان كجرح اليد لقلت من القول ما لا يزا ل يؤثر عني يد المسند يريد آخر الدهر ، وقال
الأعشى :
إن الذي فيه تماريتما بين للسامع والآثر
ويروى : بين .
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=25إن هذا إلا قول البشر أي ما هذا إلا كلام المخلوقين ، يختدع به القلوب كما تختدع بالسحر ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : يعنون أنه من قول
سيار عبد لبني الحضرمي ، كان يجالس النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فنسبوه إلى أنه تعلم منه ذلك .
وقيل : أراد أنه تلقنه من
أهل بابل . وقيل : عن
مسيلمة .
وقيل : عن
عدي الحضرمي الكاهن . وقيل : إنما تلقنه ممن ادعى النبوة قبله ، فنسج على منوالهم . قال
أبو سعيد الضرير : إن هذا إلا أمر سحر يؤثر ; أي يورث .