[ ص: 455 ] فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا .
[3] فسبح بحمد ربك فتعجب لتيسير الله ما لم يخطر ببال أحد، حامدا له عليه واستغفره ترجية عظيمة للمستغفرين.
إنه كان توابا لمن استغفر، فإنك حينئذ لاحق به، وذائق الموت كما ذاق من قبلك من الرسل، وعند الكمال يترقب الزوال.
قال -رضي الله عنهما-: "لما نزلت هذه السورة، علم النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قد نعيت إليه نفسه"، وكان - صلى الله عليه وسلم - بعد نزولها يكثر من قول: سبحان الله وبحمده، وأستغفر الله وأتوب إليه، فعاش بعدها سنتين، لم ير ضاحكا مستبشرا، وحج - صلى الله عليه وسلم - فنزل: ابن عباس اليوم أكملت لكم دينكم [المائدة: 3]، فعاش أحدا وثمانين يوما، فنزل: يستفتونك [النساء: 176]، فعاش خمسين يوما، فنزل: لقد جاءكم رسول من أنفسكم [التوبة: 128]، فعاش خمسة وثلاثين يوما، فنزل: واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله [البقرة: 281]، فعاش أحدا وعشرين يوما، وتوفي - صلى الله عليه وسلم - يوم الإثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول، وفرغ من جهازه يوم الثلاثاء، ودفن ليلة الأربعاء في سنة إحدى عشرة من الهجرة الشريفة، وكان مرضه ثلاث عشرة [ ص: 456 ] ليلة، ودفن في الموضع الذي توفاه الله فيه، وله ثلاث وستون سنة، ولم يترك درهما ولا دينارا.
قال -رضي الله عنه-: "لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعني: أنس بن مالك المدينة أضاء منها كل شيء، فلما كان اليوم الذي مات فيه، أظلم منها كل شيء - صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم".
* * * [ ص: 457 ]