م3 - وأما إلا العتاق فأجمعوا: على أنه لا يجزئ فيه إلا عتق رقبة مؤمنة سليمة من العيوب، خالية من شركة، أو عقد عتق، أو استحقاق، فإنه قال: لا يعتبر فيها الإيمان. أبا حنيفة
قال الوزير: فأما هذه الشروط فإن الله - سبحانه وتعالى - قال: أو تحرير رقبة وهذا الكلام يفهم منه أنها تكون كاملة خالية من شركة، إذ لو أعتق رقبة مشتركة لكان قد أعتق بعض رقبة، وكذلك فإنه يتناول أن تكون سليمة الأطراف، وغير معيبة عيبا يهدم منفعة من منافعها، لأن الرقبة تستعمل ويراد بها الجملة; لأنهم يقولون ملك كذا وكذا رقبة.
إذا ملك كذا وكذا إنسانا والله - سبحانه وتعالى - مالك رقاب العباد فهو نطق يتناول جملهم فإذا انطلق في عتق الرقبة، وقد كان عدم من ملك الرقبة جزء فإن المعتق لا يكون حينئذ قد أعتق رقبة يشتمل نطقها على كمالها، بل يكون كمن أعتق رقبة إلا جزءا أو جزأين، أو غير ذلك، فأما أن تكون مؤمنة، فإني أرى هذا النطق يستفاد أن لا تكون إلا مؤمنة; لأن العتق أصله في لغة العرب: الخلوص، وكذلك يقال: فرس عتيق إذا كان خالصا لم يشبه هجنة، فإذا أعتق نفسا هي رهن على دخول النار فكأنما أخرج في عتقه نفسا مرهونة على حق أعظم من الحق الذي انتقلت إليه، ولأن العتق إنما يراد به تخليص رقبة المعتق لعبادة الله عز وجل، فإذا أعتق رقبة كافرة، فكأنه إنما فرغها لعبادة إبليس وخلصها من شغل الخلق لها عن عبادة الأوثان إلى العكوف عليها، فكأنه لا يفهم منه إلا مؤمنة، وأيضا [ ص: 291 ] فإن العتق قربة إلى الله - عز وجل - على سبيل الحمد والهدية، أفيحسن أن يتقرب إلى الله بعبد كافر !! كانت رقبته مشغولة بالرق فخلصها منه لتشرك به - سبحانه وتعالى؟!.