وقال بعضهم : فكيف لو تحببت إلينا وقيل لحكيم : الدنيا لمن هي ? قال : لمن تركها ، فقيل : الآخرة لمن هي قال : لمن طلبها وقال حكيم : الدنيا دار خراب ، وأخرب منها قلب من يعمرها ، والجنة دار عمران ، وأعمر منها قلب من يطلبها وقال الجنيد كان الدنيا تبغض إلينا نفسها ، ونحن نحبها رحمه الله من المؤيدين الناطقين بلسان الحق في الدنيا وعظ أخا له في الله وخوفه بالله ، فقال : يا أخي ، إن الدنيا دحض مزلة ودار مذلة عمرانها إلى الخراب صائر وساكنها إلى القبور زائر شملها على الفرقة موقوف وغناها ، إلى الفقر مصروف ، الإكثار فيها إعسار والإعسار فيها يسار فافزع إلى الله وارض برزق الله لا تتسلف من دار بقائك إلى دار فنائك فإن عيشتك فيء زائل وجدار مائل أكثر من عملك وأقصر من أملك ، وقال الشافعي لرجل : أدرهم في المنام أحب إليك أم دينار في اليقظة ? فقال : دينار في اليقظة ، فقال : كذبت ; لأن الذي تحبه في الدنيا كأنك تحبه في المنام ، والذي لا تحبه في الآخرة كأنك لا تحبه في اليقظة وعن إسماعيل بن عياش قال : كان أصحابنا يسمون الدنيا خنزيرة ، فيقولون : إليك عنا يا خنزيرة ، فلو وجدوا لها أسماء أقبح من هذا لسموها به وقال كعب لتحببن إليكم الدنيا حتى تعبدوها وأهلها وقال إبراهيم بن أدهم الرازي رحمه الله العقلاء ثلاثة ; من ترك الدنيا قبل أن تتركه وبنى ، قبره قبل أن يدخله وأرضى ، خالقه قبل أن يلقاه وقال أيضا : الدنيا بلغ من شؤمها أن تمنيك لها يلهيك عن طاعة الله ، فكيف الوقوع فيها وقال يحيى بن معاذ بكر بن عبد الله من أراد أن يستغني عن الدنيا بالدنيا كان كمطفئ النار بالتبن وقال بندار إذا رأيت أبناء الدنيا يتكلمون في الزهد ، فاعلم أنهم في سخرة الشيطان وقال أيضا : من أقبل على الدنيا أحرقته نيرانها ; يعني : الحرص حتى يصير رمادا ، ومن أقبل على الآخرة صفته بنيرانها ، فصار سبيكة ذهب ينتفع به ، ومن أقبل على الله عز وجل أحرقته نيران التوحيد ، فصار جوهرا لا حد لقيمته وقال كرم الله وجهه : إنما الدنيا ستة أشياء : مطعوم ، ومشروب ، وملبوس ، ومركوب ، ومنكوح ، ومشموم ، فأشرف المطعومات العسل ، وهو مذقة ذباب وأشرف المشروبات الماء ويستوي فيه البر والفاجر ، وأشرف الملبوسات الحرير ، وهو نسج دودة ، وأشرف المركوبات الفرس وعليه يقتل ، الرجال ، وأشرف المنكوحات المرأة ، وهي مبال في مبال وإن المرأة لتزين أحسن شيء منها ، ويراد أقبح شيء منها وأشرف ، المشمومات المسك ، وهو دم . علي