الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقال علي كرم الله وجهه في خطبته : أوصيكم بتقوى الله، والترك للدنيا التاركة لكم ، وإن كنتم لا تحبون تركها المبلية أجسامكم وأنتم ، تريدون تجديدها ، فإنما مثلكم ، ومثلها كمثل قوم في سفر سلكوا طريقا وكأنهم قطعوه وأفضوا إلى علم فكأنهم بلغوه ، وكم عسى أن يجري المجرى حتى ينتهي إلى الغاية وكم عسى أن يبقى من له يوم في الدنيا وطالب حثيث يطلبه حتى يفارقها ، فلا تجزعوا لبؤسها ، وضرائها فإنه إلى انقطاع ولا تفرحوا بمتاعها ونعمائها ، فإنه إلى زوال عجبت لطالب الدنيا، والموت يطلبه وغافل ، وليس بمغفول عنه .

التالي السابق


(وقال علي - رضي الله عنه - في خطبته: أوصيكم بتقوى الله، والترك) ، وفي نهج البلاغة للشريف الرضي، قال - رضي الله عنه -: نحمده على ما كان، ونستعينه من أمرنا على ما يكون، ونسأله المعافاة في الأديان، كما نسأله المعافاة في الأبدان .

أوصيكم بالرفض (للدنيا التاركة لكم، وإن كنتم لا تحبون تركها) ، ولفظ الأصل: وإن لم تحبوا تركها (المبلية أجسامكم، وإن كنتم تريدون) ، ولفظ الأصل: تحبون (تجديدها، فإنما مثلكم، ومثلها كمثل سفر) بفتح، فسكون جمع سافر كراكب، وركب (سلكوا طريقا كأنهم قد قطعوه وأفضوا إلى علم) محركة، وهو المنار في الأرض، ولفظ الأصل: وأتوا علما، (فكأنهم بلغوه، وكم عسى أن يجري المجري حتى ينتهي إلى الغاية) ، وكم عسى المجري إلى الغاية أن يجري إليها حتى يبلغها، (وكم عسى أن يبقى من له يوم في الدنيا) ، ولفظ الأصل: وما عسى أن يكون بقاء من له يوم لا يعدوه (وطالب حثيث يطلبه) ولفظ الأصل: يحدوه في الدنيا (حتى يفارقها، فلا) تنافسوا في عز الدنيا، وفخرها، ولا تعجبوا بزينتها، ونعيمها، ولا (تجزعوا لبؤسها، وضرائها) ، ولفظ الأصل: من ضرائها، وبؤسها، (فإنه إلى انقطاع) ، ولفظ الأصل: فإن عزها وفخرها إلى انقطاع، (ولا تفرحوا بنعمائها، فإنه إلى زوال) ، ولفظ الأصل: وزينتها، ونعيمها إلى زوال، وضرائها وبؤسها إلى نفاد، وكل مدة فيها إلى انتهاء، وكل حين فيها إلى فناء، أوليس لكم في آثار الأولين مزدجر، وفي آبائكم الأولين تبصرة ومعتبر إن كنتم تعقلون؟ أولم تروا إلى الماضين منكم لا يرجعون، وإلى الخلف الباقين لا يبقون، أولستم ترون أهل الدنيا يمسون ويصبحون على أحوال شتى، فميت يبكى، وآخر يعزى، وصريع مبتل، وعابد يعود، وآخر بنفسه يجود (عجبت لطالب الدنيا، والموت يطلبه) ، ولفظ الأصل: بعد قوله: يجود، وطالب للدنيا والموت يطلبه، (وغافل، وليس بمغفول عنه) ، وعلى أثر الماضي ما يمضي الباقي، ألا فاذكروا هاذم اللذات، ومنغص الشهوات، وقاطع الأمنيات عند المساورة للأعمال القبيحة، واستعينوا الله على أداء واجب حقه، وما لا يحصى من أعداد نعمه وإحسانه .




الخدمات العلمية