ومنها ما صورته لله ويمكن أن يجعل لغير الله وهو ، ثلاثة : الفكر والذكر والكف عن الشهوات فإن هذه الثلاثة إذا جرت سرا ولم يكن عليها باعث سوى أمر الله ، واليوم الآخر ، فهي لله وليست من الدنيا ، وإن كان الغرض من الفكر طلب العلم للتشرف به ، وطلب القبول بين الخلق بإظهار المعرفة ، أو كان الغرض من ترك الشهوة حفظ المال أو الحمية لصحة البدن أو الاشتهار ، بالزهد فقد صار هذا من الدنيا بالمعنى ، وإن كان يظن بصورته أنه لله تعالى ومنها ما صورته لحظ النفس ، ويمكن أن يكون معناه لله ; وذلك كالأكل والنكاح ، وكل ما يرتبط به بقاؤه ، وبقاء ولده ، فإن كان القصد حظ النفس ، فهو من الدنيا ، وإن كان القصد الاستعانة به على التقوى ، فهو لله بمعناه ، وإن كانت صورته صورة الدنيا . قال صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=36764nindex.php?page=treesubj&link=29497من طلب الدنيا حلالا مكاثرا مفاخرا لقي الله وهو عليه غضبان ، ومن طلبها استعفافا عن المسألة ، وصيانة لنفسه جاء يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر .
فانظر كيف اختلف ذلك بالقصد ، فإذا الدنيا حظ نفسك العاجل الذي لا حاجة إليه لأمر الآخرة ، ويعبر عنه بالهوى ، وإليه الإشارة بقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=40ونهى النفس عن الهوى nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=41فإن الجنة هي المأوى ومجامع الهوى خمسة أمور ، وهي ما جمعه الله تعالى في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد والأعيان التي تحصل منها هذه الخمسة سبعة يجمعها قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=14زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا فقد عرفت أن كل ما هو لله ، فليس من الدنيا ، وقدر ضرورة القوت ، وما لا بد منه من مسكن ، وملبس هو لله إن قصد به وجه الله ، والاستكثار منه تنعم ، وهو لغير الله ، وبين التنعم والضرورة درجة يعبر عنها بالحاجة ، ولها طرفان وواسطة طرف يقرب من حد الضرورة ، فلا يضر ، فإن الاقتصار على حد الضرورة غير ممكن وطرف يزاحم جانب التنعم ، ويقرب منه ، وينبغي أن يحذر منه ، وبينهما وسائط متشابهة ، ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه .
والحزم في
nindex.php?page=treesubj&link=34156الحذر والتقوى والتقرب ، من حد الضرورة ما أمكن ; اقتداء بالأنبياء والأولياء عليهم السلام إذا ؛ كانوا يردون أنفسهم إلى حد الضرورة حتى إن
nindex.php?page=showalam&ids=12338أويسا القرني كان يظن أهله أنه مجنون لشدة تضييقه على نفسه فبنوا له بيتا على باب دارهم ، فكان يأتي عليهم السنة ، والسنتان ، والثلاث لا يرون له وجها ، وكان يخرج أول الأذان ويأتي إلى منزله بعد العشاء الآخرة وكان طعامه أن يلتقط النوى وكلما ، أصاب حشفة خبأها لإفطاره ، وإن لم يصب ما يقوته من الحشف باع النوى ، واشترى بثمنه ما يقوته ، وكان لباسه مما يلتقط من المزابل من قطع الأكسية فيغسلها في
الفرات ويلفق بعضها إلى بعض ، ثم يلبسها ، فكان ذلك لباسه ، وكان ربما مر الصبيان فيرمونه ويظنون أنه مجنون ، فيقول لهم : يا إخوتاه إن كنتم ، ولا بد أن ترموني فارموني بأحجار صغار ، فإني أخاف أن تدموا عقبي فيحضر وقت الصلاة ، ولا أصيب الماء فهكذا ، كانت سيرته ولقد ; عظم رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره ، فقال :
إني لأجد نفس الرحمن من جانب اليمن ، إشارة إليه رحمه الله ولما ولي الخلافة عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ، قال : أيها الناس ، من كان منكم من
العراق فليقم قالوا : فقاموا ، فقال : اجلسوا إلا من كان من
أهل الكوفة فجلسوا ، فقال : اجلسوا ، إلا من كان من مراد فجلسوا فقال اجلسوا إلا من كان من قرن فجلسوا كلهم إلا رجلا واحدا ، فقال له عمر : أقرني أنت ? فقال : نعم ، فقال : أتعرف
nindex.php?page=showalam&ids=12338أويس بن عامر القرني فوصفه ، له فقال : نعم ، وما ذاك تسأل عنه يا أمير المؤمنين ? والله ما فينا أحمق منه ، ولا أجن منه ، ولا أوحش منه ، ولا أدنى منه فبكى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله تعالى عنه ، ثم قال : ما قلت ما قلت إلا لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=103884يدخل في شفاعته مثل ربيعة ومضر .
فقال
nindex.php?page=showalam&ids=17234هرم بن حيان لما سمعت هذا القول من
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب قدمت
الكوفة ، فلم يكن لي هم إلا أن أطلب
nindex.php?page=showalam&ids=12338أويسا القرني ، وأسأل عنه حتى سقطت عليه جالسا على شاطئ
الفرات نصف النهار يتوضأ ، ويغسل ثوبه فعرفته بالنعت الذي نعت لي ، فإذا رجل لحيم شديد الأدمة محلوق الرأس ، كث اللحية ، متغير جدا ، كريه الوجه ، متهيب المنظر ، قال : فسلمت عليه ، فرد علي السلام ، ونظر إلي ، فقلت : حياك الله من رجل ، ومددت يدي لأصافحه ، فأبى أن يصافحني ، فقلت : رحمك الله يا
nindex.php?page=showalam&ids=12338أويس ، وغفر لك ; كيف أنت رحمك الله ؟ ثم خنقتني العبرة من حبي إياه ، ورقتي عليه ; إذ رأيت من حاله ما رأيت حتى بكيت ، وبكى ، فقال : وأنت فحياك الله يا
nindex.php?page=showalam&ids=17234هرم بن حيان ، كيف أنت يا أخي ومن ؟ دلك علي ? قال : قلت : الله فقال : لا إله إلا الله ، سبحان الله إن كان وعد ربنا لمفعولا ، قال فعجبت : حين عرفني ، ولا والله ما رأيته قبل ذلك ، ولا رآني ، فقلت : من أين عرفت اسمي ، واسم أبي ، وما رأيتك قبل اليوم قال : نبأني العليم الخبير وعرفت ، روحي روحك حين كلمت نفسي نفسك إن الأرواح لها أنفس كأنفس الأجساد ، وإن المؤمنين ليعرف بعضهم بعضا ، ويتحابون بروح الله ، وإن لم يلتقوا يتعارفون ، ويتكلمون ، وإن نأت بهم الدار ، وتفرقت بهم المنازل .
وَمِنْهَا مَا صُورَتُهُ لِلَّهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ لِغَيْرِ اللَّهِ وَهُوَ ، ثَلَاثَةٌ : الْفِكْرُ وَالذِّكْرُ وَالْكَفُّ عَنِ الشَّهَوَاتِ فَإِنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ إِذَا جَرَتْ سِرًّا وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا بَاعِثٌ سِوَى أَمْرِ اللَّهِ ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ، فَهِيَ لِلَّهِ وَلَيْسَتْ مِنَ الدُّنْيَا ، وَإِنْ كَانَ الْغَرَضُ مِنِ الْفِكْرِ طَلَبَ الْعِلْمِ لِلتَّشَرُّفِ بِهِ ، وَطَلَبَ الْقَبُولِ بَيْنَ الْخَلْقِ بِإِظْهَارِ الْمَعْرِفَةِ ، أَوْ كَانَ الْغَرَضُ مِنْ تَرْكِ الشَّهْوَةِ حِفْظَ الْمَالِ أَوِ الْحِمْيَةَ لِصِحَّةِ الْبَدَنِ أَوِ الِاشْتِهَارَ ، بِالزُّهْدِ فَقَدْ صَارَ هَذَا مِنَ الدُّنْيَا بِالْمَعْنَى ، وَإِنْ كَانَ يَظُنُّ بِصُورَتِهِ أَنَّهُ لِلَّهِ تَعَالَى وَمِنْهَا مَا صُورَتُهُ لِحَظٍّ النَّفْسِ ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ لِلَّهِ ; وَذَلِكَ كَالْأَكْلِ وَالنِّكَاحِ ، وَكُلِّ مَا يَرْتَبِطُ بِهِ بَقَاؤُهُ ، وَبَقَاءُ وَلَّدَهُ ، فَإِنْ كَانَ الْقَصْدُ حَظَّ النَّفْسِ ، فَهُوَ مِنَ الدُّنْيَا ، وَإِنْ كَانَ الْقَصْدُ الِاسْتِعَانَةَ بِهِ عَلَى التَّقْوَى ، فَهُوَ لِلَّهِ بِمَعْنَاهُ ، وَإِنْ كَانَتْ صُورَتُهُ صُورَةَ الدُّنْيَا . قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=36764nindex.php?page=treesubj&link=29497مَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا حَلَالًا مُكَاثِرًا مُفَاخِرًا لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ ، وَمَنْ طَلَبَهَا اسْتِعْفَافًا عَنِ الْمَسْأَلَةِ ، وَصِيَانَةً لِنَفْسِهِ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَوَجْهُهُ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ .
فَانْظُرْ كَيْفَ اخْتَلَفَ ذَلِكَ بِالْقَصْدِ ، فَإِذَا الدُّنْيَا حَظُّ نَفْسِكَ الْعَاجِلُ الَّذِي لَا حَاجَةَ إِلَيْهِ لِأَمْرِ الْآخِرَةِ ، وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْهَوَى ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=40وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=41فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى وَمَجَامِعُ الْهَوَى خَمْسَةُ أُمُورٍ ، وَهِيَ مَا جَمَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَالْأَعْيَانُ الَّتِي تَحْصُلُ مِنْهَا هَذِهِ الْخَمْسَةُ سَبْعَةً يَجْمَعُهَا قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=14زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّ كُلَّ مَا هُوَ لِلَّهِ ، فَلَيْسَ مِنَ الدُّنْيَا ، وَقَدْرُ ضَرُورَةِ الْقُوتِ ، وَمَا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنْ مَسْكَنٍ ، وَمَلْبَسٍ هُوَ لِلَّهِ إِنْ قُصِدَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ ، وَالِاسْتِكْثَارُ مِنْهُ تَنَعُّمٌ ، وَهُوَ لِغَيْرِ اللَّهِ ، وَبَيْنَ التَّنَعُّمِ وَالضَّرُورَةِ دَرَجَةٌ يُعَبَّرُ عَنْهَا بِالْحَاجَةِ ، وَلَهَا طَرَفَانِ وَوَاسِطَةُ طَرَفٍ يَقْرُبُ مِنْ حَدِّ الضَّرُورَةِ ، فَلَا يَضُرُّ ، فَإِنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى حَدِّ الضَّرُورَةِ غَيْرُ مُمْكِنٍ وَطَرَفٌ يُزَاحِمُ جَانِبَ التَّنَعُّمِ ، وَيَقْرُبُ مِنْهُ ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْذَرَ مِنْهُ ، وَبَيْنَهُمَا وَسَائِطُ مُتَشَابِهَةٌ ، وَمَنْ حَامَ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ .
وَالْحَزْمُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=34156الْحَذَرِ وَالتَّقْوَى وَالتَّقَرُّبِ ، مِنْ حَدِّ الضَّرُورَةِ مَا أَمْكَنَ ; اقْتِدَاءً بِالْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ إِذَا ؛ كَانُوا يَرُدُّونَ أَنْفُسَهُمْ إِلَى حَدِّ الضَّرُورَةِ حَتَّى إِنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=12338أُوَيْسًا الْقَرَنِيَّ كَانَ يَظُنُّ أَهْلُهُ أَنَّهُ مَجْنُونٌ لِشِدَّةِ تَضْيِيقِهِ عَلَى نَفْسِهِ فَبَنَوْا لَهُ بَيْتًا عَلَى بَابِ دَارِهِمْ ، فَكَانَ يَأْتِي عَلَيْهِمُ السَّنَةُ ، وَالسَّنَتَانِ ، وَالثَّلَاثُ لَا يَرَوْنَ لَهُ وَجْهًا ، وَكَانَ يَخْرُجُ أَوَّلَ الْأَذَانِ وَيَأْتِي إِلَى مَنْزِلِهِ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ وَكَانَ طَعَامُهُ أَنْ يَلْتَقِطَ النَّوَى وَكُلَّمَا ، أَصَابَ حَشَفَةً خَبَّأَهَا لِإِفْطَارِهِ ، وَإِنْ لَمْ يُصِبْ مَا يَقُوتُهُ مِنَ الْحَشَفِ بَاعَ النَّوَى ، وَاشْتَرَى بِثَمَنِهِ مَا يَقُوتُهُ ، وَكَانَ لِبَاسُهُ مِمَّا يَلْتَقِطُ مِنَ الْمَزَابِلِ مِنْ قِطَعِ الْأَكْسِيَةِ فَيَغْسِلُهَا فِي
الْفُرَاتِ وَيُلَفِّقُ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ ، ثُمَّ يَلْبَسُهَا ، فَكَانَ ذَلِكَ لِبَاسُهُ ، وَكَانَ رُبَّمَا مَرَّ الصِّبْيَانُ فَيَرْمُونَهُ وَيَظُنُّونَ أَنَّهُ مَجْنُونٌ ، فَيَقُولُ لَهُمْ : يَا إِخْوَتَاهُ إِنْ كُنْتُمْ ، وَلَا بُدَّ أَنْ تَرْمُونِي فَارْمُونِي بِأَحْجَارٍ صِغَارٍ ، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ تُدْمُوا عَقِبِي فَيَحْضُرُ وَقْتُ الصَّلَاةِ ، وَلَا أُصِيبُ الْمَاءَ فَهَكَذَا ، كَانَتْ سِيرَتُهُ وَلَقَدْ ; عَظَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرَهُ ، فَقَالَ :
إِنِّي لَأَجِدُ نَفَسَ الرَّحْمَنِ مِنْ جَانِبِ الْيَمَنِ ، إِشَارَةً إِلَيْهِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَمَّا وَلِيَ الْخِلَافَةَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، قَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ ، مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مِنَ
الْعِرَاقِ فَلْيَقُمْ قَالُوا : فَقَامُوا ، فَقَالَ : اجْلِسُوا إِلَّا مَنْ كَانَ مِنْ
أَهْلِ الْكُوفَةِ فَجَلَسُوا ، فَقَالَ : اجْلِسُوا ، إِلَّا مَنْ كَانَ مِنْ مُرَادٍ فَجَلَسُوا فَقَالَ اجْلِسُوا إِلَّا مَنْ كَانَ مِنْ قَرَنٍ فَجَلَسُوا كُلُّهُمْ إِلَّا رَجُلًا وَاحِدًا ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : أَقَرَنِيٌّ أَنْتَ ? فَقَالَ : نَعَمْ ، فَقَالَ : أَتَعْرِفُ
nindex.php?page=showalam&ids=12338أُوَيْسَ بْنَ عَامِرٍ الْقَرَنِيَّ فَوَصَفَهُ ، لَهُ فَقَالَ : نَعَمْ ، وَمَا ذَاكَ تَسْأَلُ عَنْهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ? وَاللَّهِ مَا فِينَا أَحْمَقُ مِنْهُ ، وَلَا أَجَنُّ مِنْهُ ، وَلَا أَوْحَشُ مِنْهُ ، وَلَا أَدْنَى مِنْهُ فَبَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، ثُمَّ قَالَ : مَا قُلْتُ مَا قُلْتُ إِلَّا لِأَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=103884يَدْخُلُ فِي شَفَاعَتِهِ مِثْلُ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ .
فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17234هَرَمُ بْنُ حَيَّانَ لَمَّا سَمِعْتُ هَذَا الْقَوْلَ مِنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَدِمْتُ
الْكُوفَةِ ، فَلَمْ يَكُنْ لِي هَمٌّ إِلَّا أَنْ أَطْلُبَ
nindex.php?page=showalam&ids=12338أُوَيْسًا الْقَرَنِيَّ ، وَأَسْأَلَ عَنْهُ حَتَّى سَقَطْتُ عَلَيْهِ جَالِسًا عَلَى شَاطِئِ
الْفُرَاتِ نِصْفَ النَّهَارِ يَتَوَضَّأُ ، وَيَغْسِلُ ثَوْبَهُ فَعَرَفْتُهُ بِالنَّعْتِ الَّذِي نَعَتَ لِي ، فَإِذَا رَجُلٌ لَحِيمٌ شَدِيدُ الْأَدْمَةِ مَحْلُوقُ الرَّأْسِ ، كَثُّ اللِّحْيَةِ ، مُتَغَيِّرٌ جِدًّا ، كَرِيهُ الْوَجْهِ ، مُتَهَيَّبُ الْمَنْظَرِ ، قَالَ : فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ ، وَنَظَرَ إِلَيَّ ، فَقُلْتُ : حَيَّاكُ اللَّهُ مِنْ رَجُلٍ ، وَمَدَدْتُ يَدِي لِأُصَافِحَهُ ، فَأَبَى أَنْ يُصَافِحَنِي ، فَقُلْتُ : رَحِمَكَ اللَّهُ يَا
nindex.php?page=showalam&ids=12338أُوَيْسٌ ، وَغَفَرَ لَكَ ; كَيْفَ أَنْتَ رَحِمَكَ اللَّهُ ؟ ثُمَّ خَنَقَتْنِي الْعَبْرَةُ مِنْ حُبِّي إِيَّاهُ ، وَرِقَّتِي عَلَيْهِ ; إِذْ رَأَيْتُ مِنْ حَالِهِ مَا رَأَيْتُ حَتَّى بَكَيْتُ ، وَبَكَى ، فَقَالَ : وَأَنْتَ فَحَيَّاكَ اللَّهُ يَا
nindex.php?page=showalam&ids=17234هَرِمَ بْنِ حَيَّانَ ، كَيْفَ أَنْتَ يَا أَخِي وَمَنْ ؟ دَلَّكَ عَلَيَّ ? قَالَ : قُلْتُ : اللَّهُ فَقَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، سُبْحَانَ اللَّهِ إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا ، قَالَ فَعَجِبْتَ : حِينَ عَرَفَنِي ، وَلَا وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُهُ قَبْلَ ذَلِكَ ، وَلَا رَآنِي ، فَقُلْتُ : مَنْ أَيْنَ عَرَفْتَ اسْمِي ، وَاسْمَ أَبِي ، وَمَا رَأَيْتُكَ قَبْلَ الْيَوْمِ قَالَ : نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ وَعَرَفَتْ ، رُوحِي رُوحَكَ حِينَ كَلَّمَتْ نَفْسِي نَفْسَكَ إِنَّ الْأَرْوَاحَ لَهَا أَنْفُسٌ كَأَنْفُسِ الْأَجْسَادِ ، وَإِنَّ الْمُؤْمِنِينَ لَيَعَرِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، وَيَتَحَابُّونَ بِرَوْحِ اللَّهِ ، وَإِنْ لَمْ يَلْتَقُوا يَتَعَارَفُونَ ، وَيَتَكَلَّمُونَ ، وَإِنْ نَأْتِ بِهِمُ الدَّارُ ، وَتَفَرَّقَتْ بِهِمِ الْمَنَازِلُ .