بيان حقيقة الرياء وما يراءى به .
اعلم أن الرياء مشتق من الرؤية والسمعة مشتقة من السماع وإنما الرياء أصله طلب المنزلة في قلوب الناس بإيرائهم خصال الخير إلا أن الجاه والمنزلة تطلب في القلب بأعمال سوى العبادات وتطلب ، بالعبادات .
واسم الرياء مخصوص بحكم العادة بطلب المنزلة في القلوب بالعبادات وإظهارها فحد الرياء هو إرادة العباد بطاعة الله فالمرائي هو العابد والمراءى هو الناس المطلوب رؤيتهم بطلب المنزلة في قلوبهم ، والمراءى به هو الخصال التي قصد المرائي إظهارها والرياء هو قصده إظهار ذلك والمراءى به كثير وتجمعه ، خمسة أقسام وهي ، مجامع ما يتزين به العبد للناس ، وهو البدن والزي والقول والعمل والاتباع ، والأشياء الخارجة .
وكذلك أهل الدنيا يراءون بهذه الأسباب الخمسة ، إلا أن طلب الجاه وقصد الرياء بأعمال ليست من جملة الطاعات أهون من الرياء بالطاعات .
القسم الأول : ، وذلك بإظهار النحول والصفار ليوهم بذلك شدة الاجتهاد وعظم الحزن على أمر الدين ، وغلبة خوف الآخرة وليدل بالنحول على قلة الأكل وبالصفار ، على سهر الليل ، وكثرة الاجتهاد ، وعظم الحزن على الدين وكذلك . يرائي بتشعيث الشعر ليدل به على استغراق الهم بالدين وعدم التفرغ لتسريح الشعر . الرياء في الدين بالبدن
وهذه الأسباب مهما ظهرت استدل الناس بها على هذه الأمور فارتاحت ، النفس لمعرفتهم فلذلك تدعوه ، النفس إلى إظهارها لنيل تلك الراحة .
ويقرب من هذا خفض الصوت وإغارة العينين ، وذبول الشفتين ليستدل بذلك على أنه مواظب على الصوم ، وأن وقار الشرع هو الذي خفض من صوته أو ضعف ، الجوع هو الذي ضعف من قوته .
وعن هذا قال المسيح عليه السلام : إذا صام أحدكم فليدهن رأسه ويرجل شعره ويكحل عينيه .
وكذلك روي عن وذلك كله لما يخاف عليه من نزغ الشيطان بالرياء ؛ ولذلك قال أبي هريرة أصبحوا صياما مدهنين . ابن مسعود
فهذه مراءاة أهل الدين بالبدن .
فأما ، أهل الدنيا فيراءون بإظهار السمن وصفاء اللون واعتدال القامة ، وحسن الوجه ، ونظافة البدن ، وقوة الأعضاء وتناسبها .