ومن ذلك الاستغفار والاستعاذة بالله من عذابه وغضبه ،  فإن ذلك قد يكون لخاطر خوف ، وتذكر ذنب ، وتندم عليه ، وقد يكون للمراءاة . 
فهذه خواطر ترد على القلب متضادة مترادفة متقاربة ، وهي مع تقاربها متشابهة فراقب قلبك في كل ما يخطر لك ، وانظر ما هو ، ومن أين هو ، فإن كان لله فامضه ، واحذر مع ذلك أن يكون قد خفي عليك شيء من الرياء الذي هو كدبيب النمل ، وكن على وجل من عبادتك أهي مقبولة أم لا ؛ لخوفك على الإخلاص فيها ، واحذر أن يتجدد لك خاطر الركون إلى حمدهم بعد الشروع بالإخلاص ؛ فإن ذلك مما يكثر جدا . 
فإذا خطر لك فتفكر في اطلاع الله عليك ، ومقته لك . 
وتذكر ما قاله أحد الثلاثة الذين حاجوا أيوب  عليه السلام إذ قال : « يا أيوب ، أما علمت أن العبد تضل عنه علانيته التي كان يخادع بها عن نفسه ، ويجزى بسريرته » . . 
وقول بعضهم : « أعوذ بك أن يرى الناس أني أخشاك وأنت لي ماقت » . . 
وكان من دعاء علي بن الحسين رضي الله عنهما « اللهم إني أعوذ بك أن تحسن في لامعة العيون علانيتي ، وتقبح لك فيما أخلو سريرتي ، محافظا على رياء الناس من نفسي مضيعا لما ، أنت مطلع عليه مني ، أبدي للناس أحس أمري ، وأفضي إليك بأسوأ عملي ؛ تقربا إلى الناس بحسناتي ، وفرارا منهم إليك بسيئاتي ، فيحل بي مقتك ، ويجب علي غضبك أعذني . من ذلك يا رب العالمين » . . 
وقد قال أحد الثلاثة نفر لأيوب  عليه السلام : « يا أيوب  ألم تعلم أن الذين حفظوا علانيتهم ، وأضاعوا سرائرهم عند طلب الحاجات إلى الرحمن تسود وجوههم ». فهذه جمل آفات الرياء   . 
فليراقب العبد قلبه ؛ ليقف عليها ، ففي الخبر « إن للرياء سبعين بابا »  . . 
وقد عرفت أن بعضه أغمض من بعض حتى إن بعضه مثل دبيب النمل ، وبعضه أخفى من دبيب النمل . 
وكيف يدرك ما هو أخفى من دبيب النمل إلا بشدة التفقد والمراقبة وليته أدرك بعد بذل المجهود ، فكيف يطمع في إدراكه من غير تفقد للقلب ، وامتحان للنفس وتفتيش عن خدعها نسأل الله تعالى العافية بمنه وكرمه وإحسانه . 
     	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					