بيان وأسبابه المهيجة له . البواعث على التكبر
اعلم أن الكبر خلق باطن وأما ما يظهر من الأخلاق والأفعال فهي ثمرة ونتيجة ، وينبغي أن تسمى تكبرا .
ويخص اسم الكبر بالمعنى الباطن الذي هو استعظام النفس ، ورؤية قدرها فوق قدر الغير وهذا الباطن له موجب واحد ، وهو العجب الذي يتعلق بالمتكبر كما سيأتي معناه ، فإنه إذا أعجب بنفسه وبعلمه وبعمله ، أو بشيء من أسبابه ، استعظم ، وتكبر .
وأما الكبر الظاهر فأسبابه ثلاثة : سبب في المتكبر وسبب في المتكبر عليه وسبب فيما ، يتعلق بغيرهما :
أما السبب الذي في المتكبر فهو العجب ، والذي يتعلق بالمتكبر عليه هو الحقد والحسد .
والذي يتعلق بغيرهما هو الرياء ، فتصير الأسباب بهذا الاعتبار أربعة : العجب والحقد والحسد والرياء .
أما العجب فقد ذكرنا أنه يورث الكبر الباطن ، والكبر يثمر التكبر الظاهر في الأعمال والأقوال والأحوال .
وأما الحقد : فإنه يحمل على التكبر من غير عجب ، كالذي يتكبر على من يرى أنه مثله أو فوقه ولكن قد غضب عليه بسبب سبق منه ، فأورثه الغضب حقدا ، ورسخ في قلبه بغضه ، فهو لذلك لا تطاوعه نفسه أن يتواضع له وإن كان عنده مستحقا للتواضع فكم من رذل لا تطاوعه نفسه على التواضع لواحد من الأكابر ؛ لحقده عليه ، أو بغضه له ، ويحمله ذلك على رد الحق إذا جاء من جهته وعلى الأنفة من قبول نصحه ، وعلى أن يجتهد في التقدم عليه وإن علم أنه لا يستحق ذلك وعلى ، أن لا يستحله وإن ظلمه ، فلا يعتذر إليه وإن جنى عليه ، ولا يسأله عما هو جاهل به .