وفرقة أخرى زادت على هؤلاء في الغرور إذ شق عليها الاقتداء بهم في بذاذة الثياب والرضا بالدون فأرادت أن تتظاهر بالتصوف ، ولم تجد بدا من التزين بزيهم فتركوا الحرير والإبريسم وطلبوا المرقعات النفيسة والفوط الرقيقة والسجادات المصبغة بمجرد لون الثوب وكونه مرقعا ونسي أنهم إنما لونوا الثياب لئلا يطول عليهم غسلها كل ساعة لإزالة الوسخ وإنما لبسوا المرقعات إذ كانت ثيابهم مخرقة فكانوا يرقعونها ، ولا يلبسون الجديد فأما تقطيع الفوط الرقيقة قطعة قطعة ، وخياطة المرقعات منها فمن أي يشبه ما اعتادوه ? فهؤلاء أظهر حماقة من كافة المغرورين ، فإنهم يتنعمون بنفيس الثياب ، ولذيذ الأطعمة ، ويطلبون رغد العيش ويأكلون أموال السلاطين ولا يجتنبون المعاصي الظاهرة فضلا عن الباطنة وهم مع ذلك يظنون بأنفسهم الخير وشر هؤلاء مما يتعدى إلى الخلق ; إذ يهلك من يقتدي بهم ومن لا يقتدي بهم تفسد عقيدته في أهل التصوف كافة ويظن ; أن جميعهم كانوا من جنسه فيطول اللسان في الصادقين منهم وكل ذلك من شؤم المتشبهين وشرهم . ولبسوا من الثياب ما هو أرفع من الحرير والإبريسم ، وظن أحدهم مع ذلك أنه متصوف