وفرقة أخرى ادعت علم المعرفة ومشاهدة الحق ومجاوزة المقامات والأحوال والملازمة في عين الشهود والوصول إلى القرب ولا يعرف هذه الأمور إلا بالأسامي والألفاظ لأنه ، تلقف من ألفاظ الطامات كلمات فهو يرددها ويظن أن ذلك أعلى من علم الأولين والآخرين ، فهو ينظر إلى الفقهاء والمفسرين والمحدثين وأصناف العلماء بعين الإزراء فضلا عن العوام حتى إن الفلاح ليترك فلاحته والحائك يترك حياكته ، ويلازمهم أياما معدودة ، ويتلقف منهم تلك الكلمات المزيفة فيرددها كأنه يتكلم عن الوحي ويخبر عن سر الأسرار ويستحقر بذلك جميع العباد والعلماء فيقول في العباد : إنهم أجراء متعبون ويقول في ، العلماء : إنهم بالحديث عن الله محجوبون لم يحكم قط علما ولم يهذب خلقا ولم يرتب عملا ولم يراقب قلبا سوى اتباع الهوى وتلقف الهذيان ، وحفظه . ويدعي ، لنفسه أنه الواصل إلى الحق ، وأنه من المقربين وهو عند الله من الفجار المنافقين ، وعند أرباب القلوب من الحمقى الجاهلين