ثم ذكر سائر مقالات المرجئة التي هي أصلح من هذين القولين فقال:
المرجئة يزعمون أن الإيمان هو المعرفة بالله والخضوع له وهو ترك الاستكبار عليه، والمحبة له، فمن اجتمعت فيه هذه الخصال فهو مؤمن، وزعموا أن إبليس كان عارفا بالله غير أنه كفر باستكباره على الله، وهذا قول قوم من أصحاب "والفرقة الثالثة من يونس السمري، وزعموا أن الإنسان وإن كان لا يكون مؤمنا إلا بجميع الخلال التي ذكرناها فقد يكون كافرا بتركه خصلة منها ولم يكن يونس يقول بهذا.
والفرقة الرابعة منهم وهم أصحاب أبي شمر ويونس [ ص: 346 ] ولا يسمون كل خصلة من هذه الخصال إيمانا ولا بعض إيمان حتى تجتمع هذه الخصال، فإذا اجتمعت سموها إيمانا لاجتماعها، وشبهوا ذلك بالبياض إذا كان في دابة لم يسموها بلقاء ولا بعض أبلق حتى يجتمع السواد والبياض، فإذا اجتمعا في الدابة سمي ذلك بلقا إذا كان في فرس، فإذا كان في جمل يزعمون أن الإيمان المعرفة بالله والخضوع له والمحبة له بالقلب والإقرار به أنه واحد، ليس كمثله شيء ما لم تقم عليه حجة الأنبياء، فإن قامت عليه حجة الأنبياء فالإيمان [الإقرار] بهم والتصديق لهم والمعرفة بما جاء من عند الله غير داخل في الإيمان،
[ ص: 347 ] أو كلب سمي ذلك بقعا، وجعلوا ترك الخصال كلها وترك كل خصلة منها كفرا، ولم يجعلوا الإيمان متبعضا ولا محتملا للزيادة والنقصان، وحكي عن أبي شمر أنه قال: لا أقول في الفاسق الملي فاسق مطلق دون أن أقيد، فأقول فاسق في كذا وحكى محمد بن شبيب وعباد بن سليمان عن أبي شمر أنه كان يقول: إن الإيمان هو المعرفة بالله والإقرار به وبما جاء من عنده ومعرفة العدل، يعني في القدر، وما كان من ذلك منصوصا عليه أو مستخرجا بالمعقول مما فيه إثبات عدل الله ونفي التشبيه، والتوحيد، فكل ذلك إيمان، والعلم به إيمان، والشاك فيه كافر، والشاك في الكفار كافر أبدا، والمعرفة لا يقولون إنها إيمان ما لم يعلم الإقرار وإذا وقعا كانا جميعا إيمانا.