الوجه التاسع: أن لفظ التركيب والتأليف لفظ مجمل فيه ما هو منتف عند المنازع له بلا ريب، ومنها ما ليس منتفيا بمقتضى ما ذكره المنازع، وإذا كان من الممكن أن الذين نفوه من منازعه إنما نفوه بأحد معنييه دون المعنى الآخر، كما قال وإذا كان كذلك لم يكونوا بهذا معيبين ولا مستعملين للتقية، بل كان هذا خيرا من [ ص: 401 ] أن يجعل ألفاظ القرآن والرسول التي أنزلها الله تعالى [المحكمة] مجملة مشتبهة، ويجعل ألفاظ المبتدعة المجملة المشتبهة هي الحاكم عليها؛ لكن أولئك المتكلمون ينفون تلك الألفاظ المجملة. [و]إذا كانوا عارفين بالمعنيين جميعا وعالمين بأن المستمع يفهم منها المعنى الذي لم يقصدوه كانوا قد استعملوا معه المعاريض، وهذا يجوز مع الظالم دون العادل، الخليل عليه السلام لسارة: هذه أختي، وكما أبو بكر يفعل وهو خلف النبي صلى الله عليه وسلم والنبي يسمع كلامه إذا سئل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: هذا رجل يهديني السبيل، وكما [ ص: 402 ] كان قال النبي صلى الله عليه وسلم للذي سأله ممن أنت؟ فقال: "من ماء" أراد خلقنا من ماء. وفهم المستمع أنه من قبيلة من العرب تسمى ماء، وإذا كان كذلك وكان المخاطب له ظالما يستحل منهم ما حرمه الله ورسوله بما ابتدعه من الرأي الفاسد لم يكونوا مذمومين على ما استعملوه من المعاريض.