الوجه الرابع: فإما أن يقول هي من التباين بالحقيقة، أو لا يقول، فإن قال هي من التباين بالحقيقة فالمباينة بوجوبه وقدمه وغناه أولى أن يكون من التباين بالحقيقة، فيبطل ما ذكره من كون تلك المباينات زائدة على التباين بالحقيقة، وإن لم يقل هي من التباين بالحقيقة فقد ثبت تباين زائد على ما ذكره. فأحد الأمرين لازم : إما زيادة التباين على ما ذكره، أو انحصار ما ذكره غير المحايثة في الحقيقة والزمان. وقد علم أن التباين بين الباري والعالم أزيد من التباين بالحقيقة والمحل، وزعم أنها بهذه الأمور دون غيرها، وقد تبين أن هذه الأمور هي كغيرها، فلا يكون ما ذكره من الجواب عن تلك الحجة صحيحا. أن يقال: التباين بين الله سبحانه وتعالى وبين العالم هو بأكثر مما ذكرته؛ فإنه مباين للعالم بأنه بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير، وبأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وغير ذلك من الصفات، ومباين للعالم بقدرته وعظمته وعلوه وكبريائه، وهذه الأمور ليست مباينة بالزمان.
[ ص: 21 ]