الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
وأنت ذكرت في الجواب أن صريح العقل لا يأبى تقسيم الموجود إلى ما لا يكون حاصلا في الحيز وإلى ما يكون؛ ولكن يأبى خلو الشيء عن ثبوت الأزلية وعدمها، وكونه حاصلا في الحيز أو ليس فيه وفي غيره، والخروج منه قسمان للمتحيز على ما يقوله، فهو كما لو قيل: لا يأبى تقسيم الموجود إلى ما يكون حاصلا في الدهر، وإلى ما لا يكون، فكان الواجب أن تذكر نفس الصورة التي ادعى منازعك العلم الضروري بها؛ إما بلفظها أو بلفظ آخر، ثم تعرضها على العقل، هل يقبلها أو يردها، وهو قد قال: العقل [لا] يحكم حكما بديهيا عن الموجود مع غيره إما أن يكون داخلا فيه أو خارجا عنه، غير داخل فيه، ويحكم بأن الموجود مع غيره: إما أن يكون محدثا معه أو متقدما عليه، غير محدث، وهو لا يذكر هذه الصورة للاحتجاج بها، أو أن الحكم فيها أقوى؛ بل نفس ما ذكره معلوم بفطرة العقل وضرورته، كما أن الثاني كذلك، وليس العلم بالأول مستفادا من العلم بالثاني، ولا بالعكس؛ بل كل منهما معلوم [ ص: 148 ] بنفسه، والعقل بفطرته وبديهته يعلم أن الموجودين إما أن يكون أحدهما داخل الآخر أو خارجه، وإما أن يكون فوقه أو لا يكون فوقه، وإما أن يكون محايثا له مجامعا له في حيزه، أو لا يكون محايثا له مجامعا له في حيزه؛ بل مباينا لحيزه، وكل هذه العلوم مستقرة في الفطرة.

وقول القائل: "العقل لا يأبى تقسيم الموجود إلى ما يكون متحيزا أو إلى ما لا يكون" ليس نظيرا لذلك، لا في اللفظ ولا في المعنى، فلا يدفع ما علم من ذلك بالبديهة، وحينئذ فلا حاجة إلى القياس والتمثيل، ويعرف ذلك:

التالي السابق


الخدمات العلمية