قال الإمام أبو سعيد عثمان بن سعيد الدارمي: إليها أحد من [ ص: 164 ] العالمين. جهما أي من هذه الأمة؛ وإلا فهذا النفي كان موجودا قبل هذه الأمة في كثير من مبتدعة اليهود والنصارى، وفي طائفة من المشركين والصابئين. والفلاسفة لهم في ذلك قولان مشهوران قبل الإسلام: "وادعى المعارض أنه ليس لله حد ولا غاية ولا نهاية" قال: "وهذا هو الأصل الذي بنى عليه جهم جميع ضلالاته، واشتق منها أغلوطاته، وهي كلمة لم يبلغنا أنه سبق
قال "فقال عثمان: قائل ممن يحاوره: قد علمت مرادك منها أيها الأعجمي، وتعني أن الله لا شيء؛ لأن الخلق كلهم علموا أنه ليس شيء يقع عليه اسم الشيء، إلا وله حد وغاية وصفة، وأنه لا شيء ليس له حد ولا غاية ولا صفة فالشيء أبدا موصوف لا محالة، ولا شيء يوصف بلا حد ولا غاية، وقولك لا حد له، يعني أنه لا شيء". للجهم
قال أبو سعيد: "والله تعالى له حد لا يعلمه أحد غيره، [ ص: 165 ] ولا يجوز أحد أن يتوهم لحده غاية في نفسه، ولكن نؤمن بالحد ونكل علم ذلك إلى الله تعالى، والمكانة أيضا حد، وهو على عرشه فوق سماواته. فهذان حدان اثنان". قال: "وسئل بم نعرف ربنا؟ قال: بأنه على العرش بائن من خلقه / قيل: بحد؟ قال: بحد"، وتقدم ذكر هذا بتمامه. ابن المبارك:
وقال عبد العزيز المكي في رده على الجهمية بعد أن ذكر بيان فساد قولهم في مسألة العرش وأبطل قولهم: إنه في كل مكان، قال: "فلما شنعت مقالته قال: أقول إن الله في كل مكان، لا كالشيء في الشيء، ولا كالشيء مع الشيء، ولا كالشيء خارجا عن الشيء، ولا مباينا للشيء. قال: يقال له: إن أصل قولك القياس والمعقول، فقد دللت بالقياس والمعقول على أنك لا تعبد شيئا؛ لأنه لو كان شيئا ما خلا في القياس والمعقول أن يكون داخلا في الشيء أو خارجا منه، فلما لم يكن في قولك شيء استحال أن يكون كالشيء في الشيء أو خارجا من الشيء، فوصفت لعمري ملتبسا لا وجود له، وهو دينك وأصل مقالتك التعطيل".
وقال الإمام أحمد: فإنه يصير إلى ثلاثة أقاويل" وقد تقدم تمام هذا الكلام. وقوله أيضا: "فلما ظهرت الحجة على "إذا أردت أن تعلم أن الجهمي كاذب على الله حين زعم أن الله في كل مكان، ولا يكون في مكان دون [ ص: 166 ] مكان، فقل: أليس الله كان ولا شيء معه؟ فيقول: نعم، فقل له: حين خلق الشيء خلقه في نفسه أو خارجا من نفسه؟ بما ادعى على الله أنه مع خلقه. قال: هو في كل شيء غير مماس لشيء ولا مباين منه. فقلنا: إذا كان غير مباين أليس هو مماس؟ قال: لا، فقلنا: فكيف يكون في كل شيء غير مماس لشيء ولا مباين؟ فلم يحسن الجواب. فقال: بلا كيف، فخدع الجهال بهذه الكلمة، موه عليهم". الجهم
وقال في خطاب الجهمية: "وقلنا: هو شيء. فقال: هو شيء لا كالأشياء، فقلنا: إن الشيء الذي لا كالأشياء، قد عرف أهل العقل أنه لا شيء، فعند ذلك تبين للناس أنهم لا يؤمنون بشيء؛ ولكنهم يدفعون عن أنفسهم الشنعة بما يقرون في العلانية، فإذا قيل: من تعبدون؟ قال: نعبد من يدبر أمر هذا الخلق، فقلنا: هذا الذي يدبر أمر هذا الخلق هو مجهول لا يعرف بصفة؟ قالوا: نعم. قلنا: قد عرف المسلمون أنكم [ ص: 167 ] لا تؤمنون بشيء وإنما تدفعون عن أنفسكم الشنعة بما تظهرون، فقلنا لهم: هذا الذي يدبر هو الذي كلم موسى؟ قالوا: لم يكلم ولا يتكلم؛ لأن الكلام لا يكون إلا بجارحة. والجوارح عن الله منتفية. فإذا سمع الجاهل قولهم نظر أنهم من أشد الناس تعظيما لله ولا يشعر أنهم إنما يعود قولهم إلى فرية في الله تعالى. أو قال: إنما يعود قولهم إلى ضلالة وكفر" [إذا] تبين ذلك أن يقال في: