ويتفرع على هذا الأصل أن . والسالكين طرق العبادات والزهادات والأحوال القلبية والتألهات من جميع الطوائف المتقرئة والمتصوفة والمتفقرة والمتعبدة والمتفقهة وغيرهم ، فإن المستقيم منهم هو المتبع لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم . وكذلك أهل النظر في الأمور العامة من الأمراء والعلماء ، فإن المصيب منهم هو المتبع لكتاب الله وسنة رسوله . المتكلمين الخائضين في العلوم الإلهية والمعارف الدينية والحقائق العلمية ، من جميع الطوائف المتكلمة والمتصوفة والمتفقهة والمتفلسفة وغيرهم أهل الخطاب وأهل الكتاب ، فإن المهتدي منهم هو المتبع لكتاب الله
وهذا الأصل يقر به المؤمنون جملة وابتداء ، ولكن قد يغيب عنهم تفصيله عندما تبهر عقولهم من أقوال ذوي الأقوال وأحوال ذوي الأحوال وأوامر ذوي العلم والإمارة ، وقد لا يكون عندهم أصل من [ ص: 217 ] السنة يعتصمون به في موارد الاشتباه ومواقع النزاع . والغالب أن أكثر ما تنازع فيه الناس يكون قد لبس فيه الحق بالباطل .
والمتأخرون قد أحدثوا كلاما وأقوالا وأفعالا وأحوالا فيه اشتباه وإجمال ، فينبغي التبين فيه وتفصيله ، كما هو الواقع من أهل الحروف والكلام وأهل الأصوات والعمل ، وتجد هؤلاء ينفرون عن بعض ما مع هؤلاء من الحق ، والعكس . حتى أهل الحروف والكلام يبغضون المواجيد والأذواق والعبادات ، وأهل الأصوات والأعمال يبغضون النظر والعقل والكلام والفقه . وفي كل ذلك أمور يحبها الله ورسوله ، ويرضاها الله ورسوله ، ويأمر بها الله ورسوله ، وذلك لأن أهل الحروف أحدثوا حروفا وكلاما لا يحبه الله ورسوله وإن كانوا متأولين ، وأهل الأصوات والعمل أحدثوا أصواتا وأعمالا لا يحبها الله ورسوله وإن كانوا متأولين ، فيجب رد جميع ما تنازعوا فيه إلى الله والرسول ، ذلك خير وأحسن تأويلا . [ ص: 218 ]