[ ص: 449 ] سئل شيخنا تقي الدين أحمد ابن تيمية رحمه الله
عن وهل يتعارفون ويتساءلون ؟ أو أن أحدهما يعذب والآخر في راحة ، وهل العذاب على النفس والبدن والروح أم على واحد دون الآخر ؟ رجل اشترى جارية كافرة ، فأسلمت ، فأعتقها وتزوجها ، فأنجبت منه ولدا ، ثم ماتت ، ولم تكن تعرف تصلي ، ولم تكن صلت في الإسلام . فأين تكون من زوجها إن كان من أهل الجنة ؟
فأجاب
الحمد لله . إن ماتت قبل أن تعرف الصلاة تجب عليها بحسب حالها ، وكانت مؤمنة بأن دين محمد صلى الله عليه وسلم هو الحق ، ولو أمرها الرسول صلى الله عليه وسلم بالصلاة لصلت ، فهذه حكمها حكم أمثالها ممن آمن وجهل بعض شرائع الإسلام ، وهذا ممن يرجى له الجنة . وإن دخل زوجها الجنة فهي زوجته في الجنة ، وإن لم يدخل أحدهما لم يغن عنه دخول الآخر الجنة ، بل أهل الجنة في النعيم ، وأهل النار في الجحيم ، ولو كانا أخوين شقيقين أو زوجين ، أو كان بينهما غير ذلك من الأسباب .
وإذا مات الميت وكان من أهل الجنة تلقاه أهل الجنة ، ويسألونه عما يعرفونه من الأحياء ، ما فعل فلان ؟ فيقول : على حال حسنة . وما فعل فلان ؟ فيقول : قد تزوج . وما فعل فلان ؟ فيقول : ألم يأتكم ؟ فيقولون : لا ، فيقول : ذهب به إلى أمه الهاوية . والأعمال التي تعرض على أقاربهم من الأحياء . [ ص: 450 ]
والنعيم والعذاب للروح والبدن جميعا ، فالروح تنعم وتعذب مفردة ، وينعم ويعذب البدن بواسطة الروح إذا شاء الله ، وتفصيل هذا مبسوط في موضع آخر .