ثلاثة أقوال: والعلماء لهم في شروط القاضي
أحدها: أنه يشترط فيه أن يكون من أهل الشهادة فقط. وهذا قول أبي حنيفة.
والثاني: أنه يشترط فيه الاجتهاد. وهذا قول وكثير من أصحاب الشافعي الإمام أحمد.
وقد جوز كثير من المتأخرين من أهل هذا القول أن يولى غير المجتهد للضرورة.
والقول الثالث، وعليه يدل كلام الإمام أحمد وغيره: أنه يولى الأمثل [ ص: 484 ] فالأمثل بحسب الإمكان، وليس لذلك حد، حتى لو قدر أنه لم يوجد إلا فاسقان، ولي أقلهما شرا وأكثرهما نفعا، وكذلك لو لم يوجد إلا مقلدان، ولي أعدلهما وأعرفهما بالتقليد.
ولو وجد مجتهدان ولي أفضلهما، إن لم يكن الأفضل مشغولا بما هو أفضل من القضاء.
ولهذا لما أرسل الخليفة إلى وزيره يسأله عن قضاة الأمصار، لمن يولي منهم ولمن يعزل، وكتب له أسماءهم، أمره بتولية ناس، وعزل ناس، وأمسك عن آخرين وقال: لا أعرفهم. الإمام أحمد
وكان في من أمر بتوليته من فيه نقص في علمه، وقال: إن لم يولوا هذا ولوا مكانه فلانا، وهذا خير منه.
وأما الإفتاء، فعامة الفقهاء يشترطون فيه العلم، لا يقتصرون فيه على مجرد أهلية الشهادة، فكيف يجوز استفتاء من لا يعلم ما يفتي به؟!
* * *