قاعدة نحوية
سواء القلة كالهندات ، أو الكثرة كالهنود ، [ ص: 22 ] فتقول : الهندات يقمن ، والهنود يقمن قال تعالى : ( نون ضمير الجمع في جمع العاقلات والوالدات يرضعن ) ( البقرة : 233 ) ( والمطلقات يتربصن ) ( البقرة : 228 ) هذا هو الأكثر . وقد جاء في القرآن بالإفراد قال تعالى : ( وأزواج مطهرة ) ( آل عمران : 15 ) ولم يقل : مطهرات .
وأما جمع غير العاقل ففيه تفصيل : إن كان للكثرة أتيت بضميره مفردا ، فقلت : الجذوع انكسرت ، وإن كان للقلة ، أتت جمعا . وقد اجتمعا في قوله : ( إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله ) ( التوبة : 36 ) إلى أن قال : ( منها أربعة حرم ) ( التوبة : 36 ) فالضمير في منها يعود إلى الاثني عشر ، وهو جمع كثرة ولم يقل : منهن ثم قال سبحانه : ( فلا تظلموا فيهن أنفسكم ) ( التوبة : 36 ) فهذا عائد إلى الأربعة وهو جمع قلة .
فإن قيل : فما السر في هذا حيث كان يؤتى مع الكثرة بضمير المفرد ، ومع القلة بضمير الجمع ؟ وهلا عكس ؟ قلنا : ذكر الفراء له سرا لطيفا فقال : لما كان المميز مع جمع الكثرة واحدا ، وحد الضمير لأنه من أحد عشر يصير مميزه واحدا ، وهو الدرهم ، وأما جمع القلة فمميزه جمع ، لأنك تقول : ثلاثة دراهم ، أربعة دراهم ، وهكذا إلى العشرة تمييزه جمع ، فلهذا أعاد الضمير باعتبار المميز جمعا وإفرادا ، ومن هذا قوله سبحانه : ( سبعة أبحر ) ( لقمان : 27 ) فأتى بجمع القلة ولم يقل : بحور لتناسب نظم الكلام ، وهذا هو الاختيار في إضافة العدد إلى جمع القلة .
وأما قوله تعالى : ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ) ( البقرة : 228 ) فأضاف الثلاثة إلى القروء ، وهو جمع كثرة ، ولم يضفها إلى الأقراء التي هي جمع قلة ، قال الحريري : المعنى لتتربص كل واحدة منهن ثلاثة أقراء ، فلما أسند إلى جماعتهن ثلاثة ، والواجب على كل فرد منهن ثلاثة أتى بلفظ قروء لتدل على الكثرة المرادة والمعنى الملموح